عالم آثار إسرائيلي: خروج اليهود من مصر وقصص التوراة أساطير!!
نبيل عودة
“قصة خروج اليهود من مصر، كما وردت في العهد القديم، لم تحدث، على الأرجح، وهي مجرد أسطورة”. هذا ما استخلصه عالم الآثار الإسرائيلي زئيف هيرتسوغ، الذي قال إن “اليهود كانوا بالتأكيد في إسرائيل قبل 3000 سنة، لكنهم لم يأتوا من مصر”.
بروفسور زئيف هرتسوغ، يعمل في جامعة تل أبيب، قال أيضا "إن سنوات السبي الطويلة للشعب اليهودي في مصر، والهروب الخارق بقيادة موسى عبر البحر الأحمر، ومكوثهم 40 عاما تائهين في صحراء سيناء، والتصديق على وعد الرب للشعب اليهودي على جبل طور سيناء، وصولا إلى غزو أرض الميعاد. كل هذه القصص مجرد أساطير".
هذه هي الخلاصة التي توصل إليها بروفسور هرتسوغ. ويضيف: "لم يكن بنو إسرائيل في مصر. وما يذكر عن ذلك هو إعادة تركيب لتاريخ لم يحدث مطلقا".
في اتجاه معاكس
علم الآثار في إسرائيل هو علم مشحون بالتوقعات. ومنذ القرن التاسع عشر، يجري التنقيب في الأرض للعثور على أدلة ملموسة حول تاريخ الشعب اليهودي كما جاء في التوراة. لكن، بعد مرور قرن، لم تتوصل الحفائر إلى العثور على ما يؤكد على هذا التاريخ. بل على العكس من ذلك، تشير الدلائل إلى اتجاه معاكس. وتوافق غالبية علماء الآثار وعلماء المصريات على أن معظم قصص التوراة لم تحدث بالفعل، ويجب اعتبارها مجرد أساطير. وحتى عالم إسرائيلي مثل زئيف هرتسوغ، توصل إلى قناعة بأن البحث عن أشياء لا وجود لها ليس مجديا.
من الجدير ذكره ان هناك باحثان يهوديان هما د. إسرائيل فنكلشتاين (رئيس قسم الآثار في جامعة تل ابيب) و نيل سيلبرمان (مؤرخ وباحث آثار امريكي) قاما ايضا ببحث تاريخي ارخيلوجي (أثري) وتوصلا الى نسف معظم القصص الجوهرية للتوراة ، وصدر بحثهما بكتاب اسمه "THE BIBLE UNEARTHED " ترجم للعربية بعنوان "التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها" (تجاهلوا تعليقات المترجم الذي ادعى بغباء كبير ان قصة موسى التوراتية وسائر القصص الأسطورية في التوراة لا علاقة لها وليست نفسها قصص القرآن – الترجمة نفسها جيدة) الكتاب موجود على صفحات الانترنت، وطبع بالعبرية تحت عنوان "בראשית ישראל" (بدايات إسرائيل). الكتاب يفسر ايضا "العجائب" التي وردت في التوراة اثناء التيه في سيناء ويبينان انها مسائل يمارسها ويعرفها بدو سيناء قبل موسى.
موسى وقصة الخروج من مصر
السبب الرئيسي وراء عدم اقتناع معظم علماء الآثار بالحقيقة التاريخية لقصة خروج اليهود من مصر، كما وردت في التوراة، هو الغياب التام لما يشير إلى وجود بني إسرائيل لدى المصريين القدامى. الفراعنة حافظوا على تاريخهم بكل عناية في النقوش والمخطوطات والمراسلات التاريخية. ولكن لا ذكر في تاريخهم أبدا لمجموعة ضخمة تزيد عن مليوني إسرائيلي، جاء ذكرهم في التوراة (التوراة تتحدث عن خروج 600 الف عائلة يهودية، والحساب بسيط كل عائلة تتكون على الأقل من 5 افراد ضرب 600 الف يساوي 3 مليون. الباحثين اختصروا الثلث وجعلوها 2 مليون)، كذلك لا تشير الوثائق المصرية لرحيلهم المفاجئ، أو هزيمة الجيش المصري الذي طاردهم وغرقه بالبحر. “لا يوجد في العديد من الوثائق المصرية القديمة التي عثر عليها ما يشير إلى إقامة بني إسرائيل في مصر وخروجهم منها”، كما قال هرتسوغ لصحيفة USA Today. كذلك لم يعثر علماء الآثار على اي أثر لبقائهم تائهين 40 عاما في صحراء سيناء. الأمر نفسه ينطبق على الغزو الدموي لأرض الميعاد، كما جاء ذكره في التوراة.
تواريخ متناقضة
المتداول أن الخروج من مصر حدث في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، لكن علماء الآثار يفترضون أن هذه القصة أصغر عمرا من ذلك. ومن المرجح أنها مستوحاة من قصة السبي البابلي لليهود، في القرن السادس قبل الميلاد، وهناك أدلة تاريخية على ذلك. ربما حدث شيء من هذا القبيل، في وقت سابق في مصر مع مجموعة صغيرة من بني إسرائيل، وتم تضخيمه في بابل ليصبح نوعا من الأسطورة الوطنية.
من أين جاؤوا؟
لكن إذا كانت قصة خروج اليهود من مصر غير صحيحة، فمن أين جاؤوا؟
الأدلة الأثرية على وجود بني إسرائيل في مكانهم الحالي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد. كل شيء يشير إلى أن جذورهم تعود إلى هذه المنطقة التي حطوا رحالهم فيها. حضارة أولى المستوطنات الإسرائيلية مشابهة لمستوطنات الشعوب الكنعانية الأخرى: تركوا الأواني الفخارية نفسها، واستخدموا الأبجدية نفسها، وعبدوا الإله (يهوه) نفسه. الشيء الوحيد الذي ميزهم عن بقية الشعوب الكنعانية أنهم لم يكونوا يأكلون لحم الخنزير.
لكن الأمر الأكثر إثارة للصدمة لدى المسلمين والمسيحيين واليهود هو أنهم كانوا يعبدون العديد من الآلهة. هرتسوغ قال لصحيفة هآرتس عام 1999: “يهوه، إله إسرائيل، كانت لديه زوجة، وهي إلهة تدعى آشيرة Ashera. كذلك بدأ بنو إسرائيل بعبادة الإله الواحد في القرن العاشر قبل الميلاد، وليس على جبل طور سيناء”.
ولا بد ان أضيف ان التوراة تبدأ بأن الله وتسميه "الوهيم" هو الذي خلق الأرض والسماء والانسان وما في عالمنا كله. لكن كلمة "الوهيم" هي جمع لكلمة "إل". كلمة "إل" تعني الله، بينما كلمة "الوهيم" تعني الآلهة.
كلمة "الوهيم" (الآلهة) جاءت نتيجة نقل الأسطورة السومرية عن الخلق والتكوين .. الخ. التي تتحدث عن سبعة آلهة (بينهم الاهة امرأة) كل اله خلق في يمه شيء آخر .. يمكن للقارئ مراجعة الأساطير الجميلة والممتعة عبر الانترنت.
nabiloudeh@gmail.com