التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 136,887
عدد  مرات الظهور : 116,017,393

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > جمهوريات الأدباء الخاصة > أوراق الباحث محمد توفيق الصواف > متفرقات
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 21 / 01 / 2017, 55 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
البهلول يوسف
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية البهلول يوسف
 





البهلول يوسف is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

[align=justify]إخواني وأخواتي أعضاء وعضوات (نور الأدب)، تحية بهلولية رائقة مثل محبتي لكم ولَكُنّ..، وأسعد الله أوقاتكم وأوقاتكنّ بكل خير.. إليكم وإليكنّ كمالة قصتي، رغم أنكم ما قرأتم التي قبلها..

لشدة خجلي مما حصل معي في تلك الحفلة المشؤومة التي غطَّ فيها على قلبي، بقيتُ يومين بعدها وأنا معتزل داخل غرفتي لا أتكلَّم مع أحد ولا أتجرَّأ على النظر في وجه أحد، بمن في ذلك أبي وأمي.. وزاد خجلي بعدما عرفت أن الشيخ عطا الله حلفَ يميناً مُغلَّظَة بأنّه ما يُكلمني لمدَّةِ أسبوع كامل، لكثرة انزعاجه مني، وهذا ما جعلني لا أتجرأ على الذهاب للجامع..
لكن أبي ما أعجبته هذه الحالة، خصوصي وأنه، على غير عادته، ما لامني هذه المرة على ما حصل، مثل ما عرفت من أمي، بل لَامَ الشيخ عطا لأنه وضعني بموقف صعب، لمَّا طلب مني، وأنا ولد صغير، إنِّي أقرأ القرآن قدَّام الناس بحفلة عامة، بدون ما يُدرِّبَني كيف أُواجههم..
لذلك، ولأنه خاف على عقلي ونفسيتي من طول قعدتي لوحدي بالغرفة، أخذ بعضَه وراح للشيخ عطا بالجامع، حتى يقنعه بأنه يرجع عن يمينه ويصالحني، حتى لو صام ثلاثة أيام كفارةَ كَسْرِهِ لليمين.. لكن الشيخ عطا الذي ما زال غضبُه بعد، رفض في البداية، وقال لأبي:
- ابنك خزاني يا حاجّ عبد الله، وحطّ رأسي بالأرض قدَّام كل أهل القرية..
فردّ عليه أبي:
- يا أخي يا شيخ عطا، الله يطوِّل عمرك، يوسف بعده صغير؛ وإذا كنت تريد الحق، فلا تُؤاخذني، يعني الحق عليك.. لأنك كان لازم تُدربه على مواجهة الناس، قبل ما تطلب منه يقرأ القرآن أمامهم بحفلة عامة.. الولد خجلَ وخاف، فصار معه ما صار.. ويا سيدي ما صار، صار وانتهى، ونحن أولاد اليوم، لكن ما معقول نتركه بالغرفة وحده، معتزل الناس كلهم، لأنه ما قادر يتطلَّع بوجه أحد منهم حتى بوجهي ووجه أمه.. لذلك، الله يطوِّل عمرك يا شيخ، قم معي للبيت وصالحه، كرمى لخاطري، وإن شاء الله سيصير، بعد أن تدربه، مثل ما تريد وأحسن..
فكَّر الشيخ عطا، في كلام أبي، قليلاً؛ وكان رجلاً حكيماً وعقله كبير يقتنع بالمنطق بسهولة، فوافق على طلب أبي وجاء معه إلى البيت حتى يصالحني.. ولمَّا رأيتُه داخل غرفتي، أخفيت وجهي بكفيّ حياء منه، فاقترب مني وقبَّل رأسي، وطَيَّب خاطري بكلمات حلوة، قبل ما يطلب مني الرجعة للجامع وإعطاء الدروس لطلابي، فرفضت، وقلت له:
- لا أقدر يا شيخي.. لأنِّي ما عدت قادر أتطلَّع بوجوههم، من كثرة خجلي منهم، بعد ما جرى معي تلك الليلة..
فابتسم، وقال لي:
- بالعكس يا يوسف، بالعكس يا ابني.. لازم ترجع لطلابك.. لأنّ رجعتك لتدريسهم هي أول خطوة تصحِّح بها صورتك قدَّامهم.. تعال، واقعد بمحلك بينهم، وأعطهم الدرس، وكأنَ شيئاً لم يكن، وأنا سأحضر معك أول درس، وأكلمهم قبل ما تعطيه لهم..
وبالفعل، حضر معي، ومن كثرة هيبته بين طلابي، ما تجرَّأ أحد منهم أن يبتسم أو يحكي كلمة.. قعد بجانبي، وبعد ما حَمدَ الله وصلى على رسول الله، قال لهم:
- اسمعوا يا أولادي.. لازم تفهموا أن يوسف ما أخطأ، وأن ما جرى معه ممكن يجرى لأي واحد يُواجه الناس أول مرة.. خصوصي إذا كان سيقرأ القرآن أمامهم.. لأن القرآن كلام الله، وكلامه سبحانه وتعالى، جليل وعظيم، وأي واحد منا يخاف أن يغلط في قراءته حتى لو كان يقرأ لوحده، فكيف إذا كان يريد القراءة أمام الناس..؟ لذلك، لازم كلكم تعذروه، وترجعوا لدروسكم معه مثل ما كنتم وأحسن، الله يرضى عليكم.. مفهوم؟
فأجابوه كلهم بصوت واحد:
- مفهوم يا شيخ.. حاضر..
فابتسم لهم، وقام وغادر المجلس وهو يقول:
- الله يوفقكم.. باشروا درسكم، على بركة الله..
ثم التفت نحوي وقال:
- تعال لغرفتي يا يوسف، بعد الدرس..
فأجبته، وأنا ما زلتُ غير قادر على النظر في وجوه طلابي، من شدة الخجل:
- حاضر شيخي..
- الله يرضى عليك..
قال لي ذلك وأغلق باب غرفة الدرس وراءه، فبقيت مع طلابي لوحدي.. ومن كثرة خجلي منهم، ارتبكتُ بأول الدرس، لكنهم، والشهادة لله، ظلّوا هادئين، وما حاول ولا واحد منهم يحكي كلمة تزعجني أو يقوم بحركة تضايقني، لكن قعدوا وسمعوا لي مثل عادتهم، وقرأوا أمامي الآيات التي كنت أدربهم على قراءتها، وكأن شيئاً لم يكن.. وبتصرفهم معي بهذا الطريقة، اكتشفت أنهم كانوا يحبونني فعلاً..
بعد الدرس، رحت للشيخ عطا، فطلب مني أن أقعد أمامه فقعدت، فوضع يده على صدري، وراح يقرأ لي بعض آيات القرآن، حتى أهدأَ ويطمئن قلبي، وظلَّ يقرأ وينفخ عليّ ثلاث أربع دقائق، قال لي بعدها، بصوته الهادئ، وبنبرة كلها محبة وطيبة:
- اسمع يا ابني يا يوسف، وافهم كلامي تماماً... صحيح أنتَ اليوم طالب علم، لكن بعد كم سنة، رايح تصير شيخاً مثلي وأحسن، إن شاء الله، لذلك لازم تتعلم كيف تقف قدَّام الناس وتحاكيهم وجه لوجه.. لازم تتدرب كيف تحاكيهم وتُؤثر فيهم، لأنَّ مواجهة الناس ما لها سهلة.. ولأنِّي ما دربتك على مواجهتهم قبل ما أطلب منك تقرأ القرآن قدَّامهم، فالغلطة غلطتي، وأنا السبب بكل ما جرى لك تلك الليلة.. لذلك رايح من اليوم أبدأ بتدريبك كيف تواجه الناس وتؤثر فيهم.. خصوصي وأن الله وهبك كل ما يلزم لتنجح وتصير داعيةً ما لك مثيل.. وهبَك الصوت الحلو والشكل الحلو والأدب والذاكرة الطيبة التي لولاها ما حفظت القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.. رايح أبدأ أعطيك أول درس اليوم، بل الآن..
قال لي ذلك، ثم أمسك يدي وأخذني إلى الطاولة التي يقعد خلفها، لمَّا يعطي دروسه، وأقعدني على كرسيه وقعد هو مكان طلاب العلم الذين يحضرون دروسه.. ثم قال لي:
- بسم الله وعلى بركة الله، ابدأ يا يوسف بقراءة ما ينشرح له صدرك من القرآن..
قرأت بعض قصار السور، ولما انتهيت، قال لي:
- تخيل أمامك الآن عدداً من الناس، وابدأ بشرح سورة واحدة من السور التي قرأتها، قل كل ما يخطر على بالك وأنا سأصحح لك إذا غلطت..
ومع أنه ما كان أمامي غيره، ارتجفت لدقيقة أو دقيقتين، قبل ما أفتح فمي وأبدأ الكلام..
وبالفعل راح الشيخ يصحح لي كلما أخطأت.. ومضى أول درس على خير.. وبعده، مضت دروس كثيرة، شعرت بعدها أني صرت أجرأ وأن لساني صار ينطلق بالكلام بدون تأتأة ولا خجل.. وبعد شهر من التدريب على يد الشيخ عطا، حدث ما نقلني إلى يد مدرب آخر..
فذات يوم، وبعد صلاة الفجر، اقترب مختار القرية من الشيخ عطا، ووشوشه بأن فرح ابنه بعد شهر، وأنه يريد أن يعمل له حفلة كبيرة يعزم عليها مخاتير القرى المجاورة وكل وجهائها ومشايخها وأئمة الجوامع فيها.. وتَرجَّاه أن يؤِّمن له فرقة منشدين تكون أصواتهم حلوة حتى يحيوا له الحفلة ويبيِّضوا وجهه أمام المدعوين.. فوعده الشيخ أنه سيبذل جهده..
وبعد ما راح المختار أقعدني الشيخ بجانبه، وحكى لي ما دار بينهما، وأخبرني أنه يعرف صاحب فرقة إنشاد في قرية مجاورة، سيطلب منه أن يأتي مع فرقته لإحياء حفلة زفاف ابن المختار، وسيطلب منه أيضاً أن يُدربني على الإنشاد في الحفلة مع فرقته، يعني أن يكون تدريبي حبة بركة على البيعة، مثل ما يقولون..
مرةً أخرى، وقع الخبر عليَّ مثل جبل، وكنت ظننت أنِّي صرت جريئاً بعد ما دربني الشيخ على قراءة القرآن أمامه وأمام طلابي، لكن لا.. خوفي بعده مثل ما هو.. ولمَّا لاحظَ الشيخ تغيُّر لوني سألني:
- هيه...! ما بك؟ بعدك خايف من مواجهة الناس؟
ما عرفت كيف أرد عليه، لأنَّ حلقي نشف.. فبقيت دقيقة ساكت، وبعدها ضغطت على نفسي وقلت له:
- يعني يا شيخ.. الله يلعن الشيطان.. والله بعدي خايف، لكن أقل من المرة السابقة إياها..
- ولا يهمك.. أمامنا شهر، ومع الشيخ عبد الغني وفرقته رايح يصير قلبك مثل الحديد..
وبالفعل، نفَّذ الشيخ عطا وعده، وصرت أذهب كل يوم، من الصبح للعصر، لبيت الشيخ عبد الغني حتى أتدرب مع أعضاء فرقته في غرفة ببيته خصصها لتدريبهم على الأناشيد الجديدة..
ومع أنه اكتشف أنِّي صاحب صوت حلو وأنِّي موهوب، إن كان بالإنشاد وخصوصي بالأناشيد المنفردة التي يسمونها (تفريدات)، أو بتجويد القرآن الكريم، لدرجة أنه سمَّاني عبد الباسط الصغير، على اسم القارئ عبد الباسط عبد الصمد، لكن ما سمح لي بمرافقته لأي حفلة من الحفلات التي كان يحييها مع فرقته، حتى ما يُضطر يوصلني لبيتي بالليل، لأنَّ أكثر الحفلات كانت تظلّ حتى وقت متأخر..
مرّ شهر التدريب مثل لمح البصر، خصوصي وأنه كان عندي تدريب بالبيت بعد رجعتي من تدريب الشيخ عبد الغني.. فبعد صلاة العشاء بالجامع، كان يأتي الشيخ عطا معي للبيت، ويقعد هو وأبي أمامي ويطلب مني أن أسمعهما ما دربني عليه الشيخ عبد الغني من تلاوة وأناشيد..
ومع تكرار التدريب كل يوم بالليل والنهار، شعرت أن الخوف من مواجهة الناس ما عاد مثل قبل، اللهم إلا في الدقيقتين أو الثلاث الأولى ببداية التمرين، وبعدها أندمج بالإنشاد أو قراءة القرآن، وما يعود للخوف أو الخجل أثر..
ومع أن الشيخ عطا انبسط من تَحَسُّني، لكن ظلت الحفلة المشؤومة التي غطَّ على قلبي فيها، شاغلة باله، وظل خايف يتكرر ما صار معي فيها، لذلك قال لي قبل حفلة ابن المختار بيومين:
- اسمع يا يوسف، أنا متأكد أنك ما عدت تخاف من القراءة والإنشاد أمام الناس، لكن يا ابني ما في ضرر إذا حاولنا نعمل تجربة قبل حفلة ابن المختار، خصوصي وأن كل المدعوين لها كانوا حاضرين بالحفلة إياها، تنذكر وما تنعاد..
سكتت دقيقة أو أكثر وأنا أفكر.. فالحقيقة الحق معه، وحتى أنا ما قدرت أنسى ما صار بتلك الليلة، وما زلت خايف يتكرر بحفلة ابن المختار، لذلك قلت له:
- أنا معك يا شيخي.. لكن يعني كيف ممكن نعمل التجربة التي تقول عنها؟
وبدون تردد، وكأنه عَرفان أني سأسأله هذا السؤال، ومُحضِّر له الجواب، قال لي:
- بسيطة.. اليوم بعد صلاة العشاء، نَعزِم أخوالك وأعمامك وطلابك على بيتكم، ونعمل التجربة أمامهم.. والضيافة كأس شاي يكفي..
وضحك..، فلم تعجبني الفكرة بالأول، لكن بعد ما فكرت فيها لقيتها معقولة، لكن المشكلة إنها مُفاجئة لأبي وأمي.. ولما قلت له ذلك، ضحك مرة أخرى وقال لي أنه أخبر أبي وأنه موافق هو وأمي، وما بقي غير موافقتي.. فلمَّا قلت له إنِّي موافق، قام بنفسه وعَزَمَ أعمامي وأخوالي بعد ما انتهت صلاة العشاء، ومشى قدامهم لبيتنا.. وكانت ليلة..
لمَّا وصلت للبيت، وجدت كلَّ الأمور مهيَّأة، والكل متفقين على الحفلة، والوحيد الذي ما عنده علم بها هو بطلها يعني أنا ولا فخر.. فقررت ألعب معهم لعبة صغيرة بأولها عاقبهم فيها على تدبير الحفلة كلها من وراء ظهري..
وبالفعل، قعدت على كرسي بصدر حوش بيتنا وقعدَ مقابلي، رجال ونسوان، لأنه أمي عَزَمَت نسوان أعمامي وأخوالي وعماتي وخالاتي.. يعني كانت حفلة أهلية بمحلِّية، على قول المثل.. وبكل ثقة، صفقوا لي، في بداية الجلسة، وارتفعت أصواتهم تشجعني:
- تفضل يا شيخ يوسف..
- هات سمعنا واطربنا..
- ابدأ بالقرآن بصوتك الحلو يا ولد..
وغير ذلك من العبارات المعروفة، لكن أنا ظللتُ ساكتاً مثل تمثال الحجر.. ولمَّا طوَّل سكوتي، بدأت أصواتهم تهدأ، وبدأت تظهر على وجوه بعضهم علامات الاستغراب وعلى وجوه بعض آخرين علامات قلق من تكرار تلك الليلة الفظيعة.. فصاح بي أبي أولاً:
- خير يا يوسف يا ابني.. ابدأ بالقرآن وسمعنا الله يرضى عليك..
فلم أفتح فمي بكلمة، بل رحت أبحلق فيهم مثل الأهبل.. فرأيت وجه أبي صار أحمر بلون الشوندر، ووجه الشيخ عطا أصفر مثل الليمونة، وكان رايح يقوم ويضرب لفته بالأرض مثل ما فعل بالحفلة إياها، أما طلابي الذين خاف بعضهم أن يغطَّ على قلبي مثل ما صار بتلك الحفلة، فغطوا وجوههم بأيديهم من الخجل والحَرَج.. وحدها أمي ظلت تنظر إلي بعينين ثابتتين، ثم وقفت وقالت لي بحزم:
- ابدأ يا يوسف الله يرضى عليك.. صلِّ على النبي واقرأ، ولَّا لا أنتَ ابني ولا أنا أمك..
وهنا، قررت أن أصل بتمثيليتي إلى نهايتها، فتصنعتُ الإغماء، وتركتُ رأسي يميل على كتفي ويديَّ ترتخيان وصرت أُخرج من فمي اللُّعاب على شكل بالونات مع أصوات (بررررر.. بففففف)، فصدق أبي والشيخ عطا أنني غطّ على قلبي عن جد، وركضا نحوي مع بعض طلابي ليمسكوني قبل ما أقع على الأرض، والشيخ عطا يقول بصوت حزين مُحبَط:
- لا حول ولا قوة إلا بالله.. ما في فائدة.. هذا الصبي لا يصلح لمشيخة ولا لخطابة ولا لأناشيد ولا ما يحزنون.. لا حول ولا قوة إلا بالله...
قال ذلك، ومد يده إليّ وأنا أتصنَّع السقوط، فأمسكني من كتفي وأبي من الكتف الثانية، وهما يقولان معاً:
- بسم الله عليك.. اصح يا يوسف.. الله يرضى عليك..
وبعد أن أسندا ظهري إلى الكرسي، وجاء أحد طلابي بكأس من الماء حتى يرشوا لي قليلاً منه على وجهي لأصحو، انفجرت بالضحك، وأنا أقول لهم:
- لا تخافوا.. أنا كنت أمزح معكم.. حلوة مزحتي؟
لمَّا أبي سمع ما قلت، بدون وعي رفع يده ولطشني على وجهي كف مثل طِباق الجمر، على قول المثل، وهو يقول لي بغضب:
- يلعن أبوك وأبو مزحك يا ابن الكلب.. قطعت قلبنا يا حيوان..
وكان رايح يكمِّل عليّ بكفين ثلاثة، لو ما أمسكه الشيخ عطا من يده، وأبعده عني..
وسكت الكل قَدر خمس ست دقائق، بعضهم زعل عليّ، وبعضهم قعد وهو مستغرب من مزحتي، وبعضهم كان خلقه طالع فعلاً من المزحة ومن أبي لأنه ضربني.. وكان ممكن تنتهي الحفلة بهكذا نهاية مزعجة لو ما بدأت أضحك فجأة وبصوت عالٍ.. والسبب إنِّي لمَّا تذكرت وجه الشيخ عطا وهو يحاول منعي من السقوط، ووجه أبي لما ضربني من كثرة انزعاجه وغضبه، بدأت أضحك مثل المجنون، وما هي إلا دقيقة أو دقيقتين إلا والكل صاروا يضحكون مثلي، بمن فيهم أبي والشيخ.. وبعد خمس أو عشر دقائق ضحك، رجعت للطاولة، واعتذرت من الكل، وبدون مقدمات، وضعت يدي على خدي، مثل ما كان يفعل الشيخ عبد الباسط لما يقرأ القرآن، وبدأت أقرأ، فأنصت الجميع.. وحين انتهيت، وبدون مقدمات، بدأت بإنشاد التفريدات التي دربني عليها الشيخ عبد الغني، فانطرب الجميع غاية الطرب.. وبعد ما ختمت بنشيد يحبه الجميع، في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، صفقوا لي، وقام أبي وأخذ رأسي فقبلني، ولأول مرة في حياتي سمعته يقول لي، أمام الكل:
- سامحني يا ابني يا يوسف.. غصب عني يا ابني ضربتك.. سامحني..
فحزنت لذلك كثيراً، فأخذت يده وقبَّلتها وعانقته، فبكى، فأردتُ أن أقلب حزنه سروراً، فضحكت وقلتُ له:
- ما رأيك أن أعيد هذه التمثيلية في حفلة ابن المختار..؟
فضحك، خصوصاً بعدما صرخ الشيخ عطا قائلاً:
- والله يا يوسف إذا عملت نفس التمثيلية بالحفلة لأضربك أنا قدَّام الناس..
فقلتُ له مستمراً في المزاح حتى أجعل أبي يضحك أكثر..
- لا يا شيخي.. لا تخاف.. رايح أعمل تمثيلية غيرها..
وكم ضحكنا جميعاً، حين رأينا ذلك الشيخ الوقور الذي نحبه كلنا، خلع لفته ووضعها على الطاولة، وهجمَ عليلا كأنه يريد أن يضربني..، لكنه فاجأني وفاجأ الكل لمَّا ضمني بين ذراعيه وعانقني وهو يقول:
- أنا متأكد أنك رايح تُبيِّض وجهي ووجه أبيك وكل عائلتك بالحفلة.. أنت طالبي وأنا أعرفك..
على هذا انتهت حفلة التجربة، وبانتهائها أدرك بهلول الظلام، لأن الكهرباء انقطعت عنده يا سادة يا كرام، فحَطّ راسه على المخدَّة ونام..[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
البهلول يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 21 : 02 AM   رقم المشاركة : [2]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

يبدو أن الأمر مشوقا للغاية ..سأعود لأكمل ما بدأت في الحلقة الماضية ..مع خالص الشكر ، والتقدير.
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 45 : 02 AM   رقم المشاركة : [3]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

أنا هنا .. منصت في شغف وكانني أرى بأم عيني ما يحدث .
وصف دقيق ومحكم لأحداث طبعتها الفكاهة والمرح رغم بعض المواقف المؤلمة للبطل .
في انتظار المزيد ..
لك كل المحبة
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 07 : 04 AM   رقم المشاركة : [4]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

[align=justify]الله يرضى عليك يا شيخ يا يوسف!! سأكون حاضرا إن شاء الله في حفلة ابن مختار..موعدنا هناك..[/align]
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 17 : 06 AM   رقم المشاركة : [5]
علاء زايد فارس
مهندس وأديب يكتب الشعر

 الصورة الرمزية علاء زايد فارس
 





علاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond reputeعلاء زايد فارس has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

جميلة السهرة برفقتك يا بهلول، مجنورابي نائم وحينما يصحو سأحكي له حكايتك
أعجبني جدا الأسلوب التربوي للشيخ عطا :-)
وأعجبني بالطبع مقلبك يا بهلول!
صباحك سعادة وبهللة
توقيع علاء زايد فارس
 عَلَى أَيِّ أَرْضٍ أَحُطُّ الرِّحَالَ،
فَإِنّيِ مَلَلْتُ السَّفَرْ؟!!
وَكُلُّ الْعَوَاصِمِ مَلَّتْ أَنِينِي ،
وَحُزْنِي وَطُولَ السَّهَرْ...
أَجُوبُ ..عَلَى كَاهِلِي وِزْرُ كُلِّ الْقُرُونِ،
وفِي مُقْلَتَيَّ دُمُوعُ الْبَشَرْ..

الأديب الجزائري الكبير: محمد الصالح الجزائري
علاء زايد فارس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 42 : 10 PM   رقم المشاركة : [6]
البهلول يوسف
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية البهلول يوسف
 





البهلول يوسف is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

[align=justify]أكيد مشوق يا بنتي يا عزة.. هذه قصة بهلول وما لها مثيل... ربي يرضى عليك تابعيني على طول وسترين العجب وستكونين في غاية الاستمتاع..[/align]
البهلول يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 49 : 10 PM   رقم المشاركة : [7]
البهلول يوسف
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية البهلول يوسف
 





البهلول يوسف is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

[align=justify]إذا كنت تريد الحقيقة لا بنت عمها، فالحقيقة أنا مبسوط فوق ما تتصور من متابعتك لمذكراتي يا أستاذ رشيد، خصوصي أنك أديب كتابته حلوة، يعني شهادتك بكتابتي شهادة لها قيمتها.. يا رب أبقى قادر على كتابة ما يعجبك ويعجب كل أعضاء المنتدى.. وتسلم لي أخ وقارئ يا رب..[/align]
البهلول يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 57 : 10 PM   رقم المشاركة : [8]
البهلول يوسف
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية البهلول يوسف
 





البهلول يوسف is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

[align=justify]وربي يرضى عليك أنت ايضا يا أخي يا محمد الصالح يا طيب..
وبخصوص حفلة ابن المختار، لا تشغل بالك ابدا، مكانك ومكان الاستاذ رشيد والست هدى والدكتورة رجاء وعروبة وكل اعضاء المنتدى الذين قرأوا مذكراتي محلكم محفوظ بالصف الأول بالحفلة، خصوصي وانها مليانة مفاجآت تعجبك.. ربي يديمك ويطول عمرك ويكثر قراء موادي وموادك... آمين..[/align]
البهلول يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 22 / 01 / 2017, 09 : 11 PM   رقم المشاركة : [9]
البهلول يوسف
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية البهلول يوسف
 





البهلول يوسف is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

[align=justify]يا ابني يا علاء انا مسرور اليوم لأنك انت الذي علقت على مذكراتي وليس صاحبك الفضائي مجنونرابي.. هذا يمكن ظانني أهبل، لا حول ولا قوة الا بالله.. والحقيقة ما يعرف اي شيء عني... المهم قل له انه ما عندي مانع يصير صاحبي بشرط يأخذني رحلة على كوكبه..
وبالنسبة لرأيك بتربية الشيخ عطا الله يرحمه، فانا شاكر إعجابك به بالنيابة عنه...
وبالنسبة لتعليقاتك التي قرأتها في الحلقتين السابقتي، على ما جاء في حديثي عن طفولتي ومراهقتي،، فأنا آسف لأني تأخرت بالرد عليك، ومسرور كثيرا لاستمتاعك بما قرأته من كتاباتي..
لك الف شكر ودمت بخير[/align]
البهلول يوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 23 / 01 / 2017, 08 : 01 AM   رقم المشاركة : [10]
بشرى كمال
كاتب نور أدبي ينشط
 





بشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant futureبشرى كمال has a brilliant future

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: مذكرات بهلول.. المراهقة (2)...

وفي كل مرة تفاجئنا سيد بهلول الحكيم بأحداث ممتعة . انا ايضا انتظر ماذا سيفعل الشيخ يوسف فيما بعد.
إعجابي وتقديري الدائمين.
بشرى كمال غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(2)..., مذكرات, المراهقة, بهلول..


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مذكرات بهلول.. طفولتي.. البهلول يوسف متفرقات 19 11 / 08 / 2020 03 : 08 PM
مذكرات بهلول.. ليلة مولدي.. البهلول يوسف متفرقات 29 10 / 08 / 2020 53 : 04 PM
مذكرات بهلول.. المراهقة (1)... البهلول يوسف متفرقات 8 25 / 04 / 2019 01 : 04 AM
مذكرات بهلول...! المقدمة... محمد توفيق الصواف متفرقات 6 09 / 12 / 2016 36 : 01 AM


الساعة الآن 06 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|