التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 136,879
عدد  مرات الظهور : 114,801,753

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > الأدب الصهيوني و ثقافة الاحتلال
الأدب الصهيوني و ثقافة الاحتلال (بإشراف الباحث محمد توفيق الصَوّاف)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18 / 02 / 2017, 33 : 11 AM   رقم المشاركة : [1]
نبيل عودة
كاتب نور أدبي مضيئ

 الصورة الرمزية نبيل عودة
 




نبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond reputeنبيل عودة has a reputation beyond repute

المجزرة في مصافي تكرير النفط في حيفا- 1947

المجزرة في مصافي تكرير النفط في حيفا- 1947
الدكتور الياس عفيف سليمان


ملاحظة: ينشر المؤرخ والباحث د. الياس عفيف سليمان (وهو أيضا ابن قرية اقرت المهجرة) كتاباته التوثيقية عن النكبة الفلسطينية معتمدا على الأرشيفات الاسرائيلية والمؤلفات العبرية التي كتبها قادة عسكريين ميدانيين اشرفوا على الأحداث او كانوا شهودا لها وكذلك كتابات ومذكرات سياسيين من الصف الأول أمثال دافيد بن غوريون الذي يعتبر المؤسس لدولة اسرائيل، ليقدم لنا ، وخاصة للقارئ الشاب صورة عن الكثير من التفاصيل التي يبدو ان الزمان يطويها لتبقى حية في الذاكرة، ولدحض الكثير من الروايات التي تصور ان ابناء الشعب الفلسطيني هم الذين هربوا من وطنهم بدون مبررات تحوج ذلك، وبذلك تحاول الحركة الصهيونية والسلطات الاسرائيلية التملص من المسؤولية عن تشريد الشعب الفلسطيني وهدم قراه وارتكاب المجازر الرهيبة ضد ابنائه. للدكتور الياس سليمان عدد من المؤلفات من ابرزها "جمال عبد الناصر في يوميات ومذكرات دافيد بن غوريون وموشيه ديان –حرب السويس 1956-1957" و "اسرائيل وحماس بين الصراع الفكري والصراع الديني" ويعمل على انهاء كتابه الجديد "حزب الله في لبنان والصراع ضد اسرائيل " وفي هذا المقال الجديد يكشف احدى الأحداث التي نسمع عن تفاصيلها الموثقة بارشيفات اسرائيل نفسها للمرة الأولى. وهذا ما يميز ابحاثة ونشاطه التأريخي وتجعل من مقالاته ومؤلفاته مستندات لا يمكن نقضها او تحريفها –

نبيل عودة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
المجزرة في معامل ومصافي تكرير النفط في حيفا- 1947
بقلم الدكتور: الياس عفيف سليمان
اعتمدت في كتابة هذا المقال على شهادة موشيه عميئيل الموجودة في مركز جابوتنسكي وعلى كتاب " تاريخ الهاجاناه" المجلد الثالث صفحة 1543 وما يليها والتي نشرتها كلية هرتسوغ . وثائق من الارشيف الصهيوني المركزي ومن ارشيف جيش الدفاع الاسرائيلي ويوميات دافيد بن غوريون التي اعتمد عليها وعلى غيرها الدكتور اوري ميلشطين المؤرخ والباحث العسكري في كتابه " تاريخ حرب الاستقلال " المجلد الثاني الصادر في اللغة العبرية في العام 1999 والتي كانت مهمة لتوضيح وشرح الاحداث .

في يوم 29 نوفمبر 1947 اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار التقسيم ,بما معناه دولة يهودية واخرى عربية وتكون القدس وضواحيها تحت وصاية واشراف دولي .جاء رد الفعل العربي الفلسطيني سريعا حيث قتل العرب 184 يهوديا في مناطق مختلفة من فلسطين ,لهذا السبب قررت منظمة "ايتسل " الانتقام من العرب باي شكل كان في الوقت الذي طلبت به منظمة " الهاجاناه " التروي والتريث لتهدئة الخواطر الامر الذي ادى الى ازدياد حالة التوتر بل العداوة بين منظمة "ايتسل " ومنظمة " الهاجاناه " . ( "ايتسل" منظمة عسكرية قومية تأسست في القدس في العام 1931 وعملت حتى العام 1948 , قائدها الاول ابراهام تهومي واخرهم مناحيم بيجين ,اعتبرها الانتداب البريطاني منظمة ارهابية ) ( " الهاجاناه " منظمة عسكرية كبيرة ومركزية عملت بين السنوات 1920- 1948 وكانت النواة لإقامة جيش الدفاع الاسرائيلي بعد قيام الدولة ) .
كان لمنظمة "ايتسل " وحدة عسكرية صغيرة في حيفا, بعد وقت قصير من يوم 29 نوفمبر 1947اصدر ضابط العمليات في المنظمة عميحاي فيجلن الملقب " غيدي " امرا لقائد الوحدة موشيه عميئيل بمهاجمة قرية طيرة الكرمل – طيرة اللوز- العربية الفلسطينية القريبة من حيفا . في يوم 11 ديسمبر من العام 1947 وفي ساعات اليل والسكان نيام , تسلل الى القرية 15 رجلا ( في مصدر اخر 12 ) من منظمة "ايتسل " تحت امرة موشية عميئيل , حاملين معهم سلاحا اوتوماتيكيا خفيفا , وبحوزتهم مواد متفجرات وصفائح مليئة بالبنزين , فقاموا بكسر بعض النوافذ وسكبوا البنزين الى داخل البيوت واضرموا النيران بها وعلى من بداخلها ,وقام خبراء المتفجرات بزرع العبوات الناسفة قرب البيوت وتفجيرها. ملأ الصراخ والصياح وازيز الرصاص القرية , بعد ذلك انسحبت هذه الوحدة وكانت النتيجة مقتل العشرات من سكان الطيرة وتدمير العديد من المنازل. (حسب علمي لم يذكر من بحت هذا الموضوع هذه العملية وهذه المعطيات عن طيرة الكرمل).
في يوم 30 ديسمبر من العام 1947 قام بعض افراد منظمة "ايتسل" في جولة بسيارة " تندر" مع قائدهم موشيه ليفي الملقب " يريف " بالتفتيش عن "هدف" القصد مجمع عربي او تجمع للعرب في الحي العربي في حيفا, بعد جولة قصيرة قام افراد المنظمة بأرسال خبر الى القائد المسؤول شموئيل مايطين الملقب " امنون " مفاده :" يوجد تجمع للعرب قرب مصافي تكرير النفط في حيفا, وافق مايطين على العملية " بعد ذلك عاد ركاب السيارة اليهود الى نقطة تجمع العرب والقوا باتجاههم ثلاثة علب طعام تم افراغها وتعبئتها بمواد متفجرة وبشظايا معدنية ادت الى مقتل ستة عمال عرب على الفور وجرح العشرات .
في تلك الفترة عمل في معامل ومصافي تكرير النفط في حيفا 470 يهودي و1400 عربي , قام العمال العرب بمهاجمة العمال اليهود بكل ما وقع تحت ايديهم من بلطات ,هراوات ,مطارق ,قضبان حديدية ,حجارة وغيره ,هرب العمال اليهود باتجاه مخزن الاسلحة في المعمل لكن المسؤول البريطاني منعهم من دخوله فاختبئوا حيت وجدوا مكانا ,لحق بهم العمال العرب وقتلوا منهم 39 يهوديا ( في مصدر اخر 41 ) وتم التمثيل في بعض الجثث , 11 يهوديا اصيبوا اصابات بالغة واصيب العشرات بجراح خفيفة .
بعد مرور اكثر من ساعة وصل الى المكان 4 رجال شرطة ,3 بريطانيين وشرطي يهودي, حاول افراد الشرطة وقف العنف ,بعد نصف ساعة من وصول الشرطة وصلت مصفحة عسكرية بريطانية وجنود بريطانيين وباصات لنقل العمال العرب الى بيوتهم.
قرر موشيه كرمل الملقب " زليتسكي " قائد لواء حيفا وقائد الجبهة الشمالية تنفيذ عملية انتقاميه ضد العرب في نفس اليوم فاصدر اوامره الى يوسف هاس قائد الوحدة في الكتيبة 21 الى التصدي الى الباصات التي تنقل العمال العرب بهدف مهاجمتهم واصابتهم . لتنفيذ الاوامر طلب هاس من يعقوب بريسليب من قرية حسيديم استعمال شاحنته التي تحمل سلالم من خشب وتشبه الى حد كبير سيارات الشحن العربية .قام جنود الوحدة بالاختباء في الشاحنة, ونصبوا كمينا قرب منطقة نيشر , القوا القنابل اليدوية واطلقوا النار من رشاشات اوتوماتيكية على الباصات المليئة بالعمال العرب.
قامت القيادة العامة لمنظمة " الهاجناة " بتل ابيب بإيفاد احد قادتها يوسف ابيدار الملقب "روكل " الى حيفا لتقصي الحقائق, عاد ابيدار الى دافيد بن غوريون حاملا معه طلبات يهود حيفا والتي تلخصت بما يلي : " وقف العمل في مصافي تكرير النفط اذا لم يتم ابعاد وحدات فيلق شرقي الاردن من المنطقة وفي حال عدم تعيين وحدة حراسة يهودية في المعامل .
سال بن غوريون ابيدار " هل تعرض الفيلق لليهود بالأمس ؟ اجاب ابيدار " الفيلق لم يطلق النار ,بل ورفض تزويد العرب بالبنادق رغم طلبهم والحاحهم ,بالمقابل منع الفيلق دخول المساعدة اليهودية التي اتت من شركة الكهرباء"
اجاب بن غوريون " ان ايقاف العمل في مصافي تكرير النفط قد يضر في الاقتصاد اليهودي بسبب نقص الوقود ,عليه يجب التنبه من ايقاف العمل. بالمقابل يجب عرض الطلبات دون التراجع عنها اذا كانت واقعية وعملية. وعليه فان ابعاد الفيلق العربي غير عملي بحسب الظروف والمعطيات الراهنة .لن يقبل الفيلق العربي ان يضع الفي عامل عربي تحت رحمة اليهود ... اذا كان ابعاد الفيلق العربي مشروط بان نأخذ على عاتقنا المسؤولية عن المكان وحمايته من الغزاة فنحن مستعدون, ولكن اذا رفض طلب ابعاد الفيلق العربي عندها يتوجب علينا طلب ادخال حراس يهود مسلحين ".
كشفت احداث معامل تكرير النفط نقاط الضعف في خطة الدفاع عن المدينة. كاتب تاريخ "الهاجاناة " في حيفا ايشيل تسادوق قال" في منطقة محاطة بمعامل يهودية كان من الممكن القيام بمذبحة , ساعة كاملة ,دون القيام باي خطوة من اجل تقديم المساعدة للمصابين, كثيرون سالوا انفسهم وبألم , اين كانت منظمة " الهاجاناة " في هذه الساعة العصيبة التي حلت على مصافي تكرير النفط ؟
تم تعيين لجنة تحقيق محلية هدفها : " التحقيق في الاسباب التي ادت الى القتل الجماعي داخل معاملتكرير النفط وللوقوف عن كثب عن مدى فعالية ونجاعة الخطوات والتدابير الامنية التي تم اتخاذها قبل يوم 30 ديسمبر 1947 ,ولتحديد الاسباب التي ادت الى هذه المصيبة ورفع النتائج الى لجنة الدولة المؤقتة ".
قدمت لجنة التحقيق المحلية النتائج التالية: " الترتيبات الامنية للشركة لم تكن ناجعة ", اتهمت اللجنة الشرطة والجيش بالإهمال وحددت ان السبب المباشر لأعمال الشغب هو تلك القنابل التي القاها رجال منظمة " ايتسل " على العرب الذين وقفوا قرب بوابة معامل تكرير النفط , ولخصت نتيجة التحقيق بما يلي : عملية كهذه هي عمل لن نقبل به, بدون شك فان هذه العملية هي شهادة على التفكك التام لجهاز الشرطة والمخابرات ... ".
وتابعت : "ان عملية القاء القنابل على العرب امام بوابة معامل تكرير النفط ادت الى فقدان هيبة ومكانة منظمة "ايتسل " بين اليهود ,حتى بعض اعضاء هذه المنظمة تعجبوا واستغربوا من تلك العملية . وفي جريدة " الشباب " التابعة لمنظمة "ايتسل " جاء ما يلي : " نحن غير معفيين من التعلم والتصحيح واستخلاص العبر ".وادلى موشية عميئيل قائد العمليات في منظمة " ايتسل " بما يلي : " هبطت الروح المعنوية لدى افراد المنظمة .....حيث ان النتيجة الفورية للعملية كانت عدم رضا سكان حيفا اليهود عن افراد منظمة "ايتسل ".
هذه القضية زادت الطين بلة وزادت من حدة التوتر في العلاقات بين منظمة " ايتسل " و " الهاجاناه " ,تلك العلاقات التي كانت متوترة اصلا والتي دفعت قيادة " الهاجاناه " الى التحضير لعملية انتقامية في بلد الشيخ المسماة اليوم "تل – حنان" والتي سآتي على بحثها في المقال التالي .

العملية الانتقامية في بلد الشيخ وقرية خواصة
( 31 ديسمبر1947 – 1 يناير 1948 )

بقلم الدكتور الياس عفيف سليمان

يأتي هذا البحث ليكمل مقالي الاخير (المنشور أعلاه) الذي تم نشره في عشرات المواقع وفي دول عدة تحت عنوان " المجزرة في معامل ومصافي تكرير النفط في حيفا – 1947 ". واعتمد في هذا البحث على عدة مصادر اولية والتي جاء على ذكرها الدكتور اوري ميلشطين المؤرخ والباحث العسكري في كتابه " تاريخ حرب الاستقلال " المجلد الثاني الصادر في اللغة العبرية في العام 1999 والذي اسهم في هذا البحث, وعلى تلك المصادر التي دونت وسجلت ووثقت وارشفت الاوامر والعمليات والنتائج بشكل دقيق ومنها على سبيل المثال : الارشيف الصهيوني المركزي الذي يشمل جلسات لجنة الامن, الارشيف المركزي لتاريخ الشعب اليهودي, وعلى كتاب مؤرخ تاريخ " الهاجاناة " في حيفا تسادوق ايشل تحت عنوان " معارك الهاجاناة في حيفا " وعلى غيرها .
قررت قيادة "الهاجاناه" القيام بعملية انتقامية كبيرة الهدف منها انذار وتحذير وتخويف العرب وبالمقابل رفع الروح المعنوية عند اليهود بعد مجزرة معامل تكرير النفط في حيفا. تم اختيار بلد الشيخ ( قرية فلسطينية تقع جنوب شرق مدينة حيفا وتبعد عنها قرابة 7 كم, وصل عدد سكانها قرابة 5000 نسمة في العام 1948 واسمها "تل – حنان" اليوم ) وخواصة , (قرية فلسطينية تقع غرب مدينة حيفا, وصل عدد سكانها قرابة 2000 نسمة, مصدر اخر 450 عائلة وهي منطقة بن – دور اليوم التابعة لنيشر). هذه القرى التي هددت طرق المواصلات بين حيفا والياجور( قرية فلسطينية تقع جنوب شرق مدينة حيفا , وصل عدد سكانها قرابة 600 نسمة في العام 1945 وهي ياجور اليوم ) حتى مرج بن عامر بحسب ادعاء الهاجاناة .
عدد كبير من عمال مصافي تكرير النفط في حيفا سكن في بلد الشيخ وخواصة , وفي الماضي القريب هاجمت وحدات الهاجاناة بلد الشيخ ولكن هذه المرة جاءت مختلفة لان الهدف لم يكن مجرد هجوم انما كان بدافع الانتقام, وجاء في شهادة غرشون جلعاد ضابط المخابرات اللوائي ما يلي " عمال مصافي تكرير النفط سكنوا بكل المنطقة, ولم يخطر على بال احد منا بان هذه العملية سوف تضع حدا لمضايقات خطوط النقل والسفر او ان وحدة من وحداتنا سوف تتخذ من القرية مقرا لها, كان الهدف القتل والترهيب ". وكتب موشيه كرمل, قائد لواء حيفا والجبهة الشمالية برقية يوم مذبحة مصافي تكرير النفط جاء فيها : " قرابة 800 عامل عربي من عمال مصافي تكرير النفط يسكنون في بلد الشيخ وفي خواصة , اقترح عملية رد فعل سريعة ". تم احضار البرقية الى دافيد بن غوريون ووافق على العملية وتم اعلام موشية كرمل بذلك. وبحسب اقوال يسرائل غاليلي ,رئيس القيادة العامة للهاجاناة ان : " القيادة العليا وافقت على العمليات الانتقامية تخوفا من ان يقوم العرب بأعمال شغب اذا لم يكن رد الفعل على المذبحة قاسيا ".
بدأت قيادة الهاجاناة بالتحضير للعملية, في يوم الاربعاء 31 ديسمبر 1947 التقى موشيه كرمل بقائد الكتيبة الاولى في البلماح ران لنر تلك الكتيبة التي اتخذت لها مقرا في الكيبوتسات المتاخمة لمدينة حيفا. كتب لنر الى يغئال الون برقية جاء فيها: "وصلتني الموافقة لعملية الانتقام والعقاب ضد بلد الشيخ .القوة, سرية بلماح وفصيلتان من وحدات المشاة. قائد العملية عامي (بحسب الوثائق هو الاسم السري لحايم ابينوعام ).هدف العملية التدمير والتخريب واصابة الرجال. العملية في الليل. هناك سرية مشاة تحضر لعملية خواصة قرب الكسارة 4 لها نفس الهدف. كن قويا ".
عين لنر نائبه حايم ابينوعام قائدا لعملية الاجتياح, وتم ارسال الوحدات العسكرية التي تم اختيارها للعملية الى كيبوتس ياجور لان المنطقة اليهودية القريبة من بلد الشيخ كانت منطقة نيشر ولكن الطريق منها الى بلد الشيخ كانت تحت رقابة وحراسة الجيش البريطاني ولهذا السبب تم اختيار ياجور كقاعدة للتحضير والانطلاق, ونصت الاوامر بما يلي :" مهاجمة القرية بقوة تصل الى 120 شخص مقسمة الى 6 اقسام , قتل اكبر عدد من الرجال, الحاق الضرر بالممتلكات, عدم المساس قدر المستطاع بالنساء, بالأولاد وعدم اضرام النيران ". وصرح ضابط العمليات اللوائي دوف تساسيس ان الاوامر قضت بتفجير 60 منزل في بلد الشيخ, بينما صرح حايم ابينوعام قائد العملية انه قيل له وبوضوح بان يقتل 100 رجل .
تم احضار الاسلحة والذخيرة والعتاد من المخازن الرئيسية الى ياجور. ولوحظ نوع من التحدي والمسابقة بين المشتركين بالعملية. وحتى ساعات الظهر كانت اربع وحدات بلماح مستعدة للهجوم, وحدتان بقيادة يتسحاق حاكا ( الملقب حوفي والذي اشغل منصب قائد المنظمة الشمالية فيما بعد ). ووحدتان تحت قيادة بنحاس زوسمان ( الملقب سيكو والذي اشغل مدير عام وزارة الدفاع فيما بعد ) . ووحدتان من المشاة بقيادة حنان زلينغر (تل حنان على اسمه ).
الكتيبة " داليت " والتي كانت تحت قيادة يشعياهو غبيش ( الملقب شايكي والذي اشغل منصب قائد المنطقة الجنوبية في حرب الايام الستة ) والتى اتخذت لها مقرا في مرج بن عامر وبيت شان لم تشترك بالعملية .وكان رحبعام زئيبي (غاندي) قائد فصيلة ماعوز وقاعدتها في كيبوتس ماعوز. لم يتقبل غاندي عدم مشاركته بالعملية فطلب من القائد غبيش ان يسمح له بالتوجه الى مقر الكتيبة في ياجور مع بعض الجنود لكي يحاول اقناع القادة هناك بالسماح له بالاشتراك بالعملية .وافق قائد الكتيبة لنر على الطلب شريطة ان يشترك غاندي كقائد جماعة (وحدة عسكرية صغيرة) لكن غاندي وضع رجاله على اهبة الاستعداد ووصل عددهم الى اكثر من نصف فصيلة (وحدة عسكرية اكبر من الجماعة) .
صرح حايم ابينوعام قائد العملية بما يلي : " خرجنا ولأول مرة لنقتل. واجه مقاتلينا اعضاء الحركات الشبابية مسالة تأنيب الضمير .وحتى انا واجهت صراع مع نفسي , ولكن كان واضحا انها حرب دفاعية لم نبادر لها ولكن علينا تنفيذها. جمعت الرجال قبل العملية وشرحت لهم الاسباب والاهداف, كانوا متأثرين بما حصل بمصافي تكرير النفط, لم يرفض احد من الرجال الاشتراك بالعملية ".
وضعت الخطة وحددت الساعة التاسعة مساء ساعة الانطلاق من ياجور الى بلد الشيخ, ولكن بسبب تأخر وصول العبوات الناسفة وبسبب نقص بالمركبات المعدة لنقل الجنود والعتاد تأجلت العملية لبعض الوقت. في الساعة الحادية عشرة ليلا انطلقت الوحدات لمهاجمة الهدف حاملة اسلحة رشاشة متنوعة, قنابل يدوية, مسدسات, بنادق, عبوات ناسفة وبلطات لخلع وكسر ابواب البيوت.
وصرح غاندي : " سرنا في وتيرة عالية ... وراينا بالعملية كأنها يوم عيد رغم الالم في القلب... سار الرجال الواحد تلو الاخر بسكوت تام ... كانت القرية مظلمة جدا... تمركزت الفصائل على الطرف الاعلى من القرية ... دخلنا اطراف القرية واقمنا مركز للقيادة والعمليات. عدت وكررت تعليماتي الاخيرة... وقلت: اذا اصبت يحل محلي مونيه واذا اصيب الاخير يأتي مكانه يوئيل. ابتسم الجميع وانا ايضا,رغم اني لم اعتقد ان احدا منا سيصاب ".
اقتحمت فصائل البلماح البيت تلو الاخر بحسب الخطة, وقتلوا الرجال. لم تلتزم فصائل المشاة بالخطة وحاولت الاستيلاء على احد البيوت في طرف القرية ودخلت في مواجهة لتبادل النيران مع موقع رشاش محصن, كانت النتيجة مقتل القائد حنان زلينغر. نيران الفيلق العربي لم تكن ناجعة, اطلق الجنود البريطانيون النار عن بعيد لكنهم لم يقتربوا من القرية. استمرت العملية قرابة النصف ساعة, ونجحنا في مفاجئة ومباغتة العرب سكان القرية. وروى غاندي, في احد البيوت وخلال عملية تبادل اطلاق النار مع المسلحين العرب اصبنا النساء والاطفال.
واضاف غاندي ," قامت مصفحة بريطانية بإطلاق النار علينا من جهة الطريق وبشكل عشوائي...ومثلها الفيلق العربي . عملية الانسحاب كانت مخيفة...لا يمكن وصف الفوضى, الوقت ضيق, الطريق الرئيسية قريبة. في كل لحظة يمكن ان تصل الشرطة والجيش البريطاني, علينا العبور من الطريق النازل من عسفيا .
تفككت وتشتت الوحدات العسكرية, حاول القادة جمع العناصر ولكن دون جدوى وفتش الجندي عن قائده والقائد عن جنوده. لعنة حلت علينا... قررت انا ورجالي ان نحمي الوحدات المنسحبة. وافق قائد السرية فورا. كانت فرقتي محاصرة...لكنهم لم يستسلموا بل وساعدنا بنقل الجرحى ".
كانت الاخطاء كثيرة في عملية الانسحاب وحتى ساعات الفجر لم يصل المقاتلون الى ياجور. قائد الكتيبة دان لنر الذي تخوف من البريطانيين خرج مع وحدة عسكرية الى الكرمل ليفتش عن رجاله والتقى بهم على مقربة من ياجور في الساعة 05:35 صباحا...ووصل كل المقاتلين الى قواعدهم في ساعات الصباح الباكر" ( يوم 1 يناير 1948 ).
رفع حاييم ابينوعام تقريرا جاء فيه: " حققنا الهدف من العملية, خسائر العدو وصلت الى 60 واكثر ( مصادر امنية اخرى توكد هذا العدد ). خسائرنا: قتيلان, مصاب بالبطن وبحالة حرجة ومصاب اخر بإصابة خفيفة . تصرف الرجال بشكل جيد ".
وصرح بنحاس زوسمان ( سيكو ) بما يلي: " تدنت المعنويات بعد مقتل 39 يهوديا في مصافي تكرير النفط في حيفا.
كنا على استعداد للقيام باي عمل. ولكن بعد عملية بلد الشيخ فكرنا وتأملنا... ادهشني ان الشباب الذين تربوا تربية انسانية يقتلون ببساطة كهذه " .
في ليلة 31 ديسمبر 1947 اجتاحت قرية خواصة سرية من الكتيبة 22 ووحدات عسكرية عملت في ميناء حيفا تحت قيادة يسرائيل ليساور نائب قائد الكتيبة 22 ( الملقب ليئور والذي عمل كسكرتير عسكري لرؤساء الحكومة ليفي اشكول وغولدا مائير فيما بعد ) .
وكتب تسادوق ايشيل :" قضت الخطة بان تقوم وحدات من البلماح بالهجوم المباغت, على ما يبدو علم سكان القرية بذلك, عند وصول القوة العسكرية كان اغلبية الرجال قد تركوا القرية. والنساء اللاتي بقين في القرية لم يخفن .رغم ذلك استطاعت وحدات البلماح قتل 16 رجلا عربيا وجرح 10 اخرين كما وتم حرق شاحنة لاحد السكان العرب . تدخل الفيلق العربي واطلق النار على المهاجمين وقتل واحدا منهم , حدثت اخطاء كثيرة في هذه العملية ".
في الاول من يناير 1948 اجتمعت لجنة الامن لبحث العمليات الانتقامية في حيفا, وطرح يعقوب ريفطين (الملقب كوبي ومن ابرز اعضاء الحركة الشبابية اليهودية ,هاشومير هاتسعير) ثلاثة تساؤلات : اولها, تصرف العرب بشكل مختلف, حيت ان قسم منهم لم يشترك بالهجوم (القصد في مصافي تكرير النفط ) بل على العكس منهم من دافع عن اليهود, وعليه لم يجدر بالوحدات العسكرية ان تقوم بعملية ضد جمهور غير معروف, حيث انها لا تعلم من سيصاب , كان عليها القيام بفحص دقيق ضد من تهاجم .قاطعه بن غوريون وقال " كيف؟ اجاب ريفطين: " نعرف من هم رؤساء المخلين بالأمن والمحرضين . ثانيها , يجب علينا الا نكتفي بمعاقبة العرب انما علينا أيضا معاقبة رجال منظمة ايتسيل الذين تسببوا بهذه القضية. ثالثها, كان من الواجب مناقشة هذه العمليات الانتقامية في لجنة الامن قبل تنفيذها ". وقال عضو لجنة الامن بيرل رفطور " احدوت هاعابوداه " ان العمليات الانتقامية كانت واجبة. تقبل بن غوريون ملاحظات ريفطين بتحفظ ولكنه اضاف : " نحن في حالة حرب, وفي حالة الحرب لا نستطيع ان نميز بين الافراد. يوجد في هذا عدم مصداقية, ولكن اذا تصرفنا غير ذلك فإننا لن نصمد. يمكن ان نميز بين المناطق, القرى, ولكن بمستوى افراد فذلك غير وارد ولا يمكن خوض أي حرب بهذه الطريقة...كانت هذه مصيبة كبرى. كانت هذه المجزرة الاولى الكبرى ,من غير المحبذ بان يشعر العرب وكان الامر خارج عن سيطرتنا, هذه ليست الخليل, هذه حيفا, مدينة يهودية واحسن الرجال بما صنعوا " .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
د. الياس سليمان- باحث ومؤرخ فلسطيني من مشردي كفربرعم ويقيم في قرية الجش .له مجموعة ابحاث ودراسات تاريخية من ابرزها كتابه: "جمال عبد الناصر في يوميات ومذكرات دافيد بن غويون وموشيه ديان- حرب السويس"

drelias10@yahoo.com

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نبيل عودة غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
1947, أصافح, المجزرة, النفط, تكرير, حيفا-


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في ذكرى قرار تقسيم فلسطين، رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 مازن شما التاريخ والتأريخ والتوثيق 0 29 / 11 / 2014 01 : 02 AM
معالي الوزير امرأة – لن أصافح خيري حمدان جمهورية الأدباء العرب 0 13 / 06 / 2012 18 : 12 AM
المجزرة في معامل ومصافي تكرير النفط في حيفا- 1947 نبيل عودة قصص و شهادات عن الجرائم الصهيونية 0 05 / 05 / 2012 19 : 09 AM
(( كرمى لها )) قصيدة عن حيفا مهداة الى اهل حيفا وعشاقها .... جريس دبيات شعر التفعيلة 24 06 / 07 / 2010 33 : 02 AM
دير ياسين جديدة في غزة .. وقائع من المجزرة وصمود المواطنين ناهد شما جرائم إسرائيل منذ ما بعد النكبة و حتى اليوم 0 28 / 12 / 2008 59 : 05 AM


الساعة الآن 42 : 12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|