ولد الأستاذ الأديب حنا أبو حنا في الرينة في 16/10/1928.
ومنذ ولادته عرف طعم الرحيل : كان أبوه مسّاح أراض ،وبالتالي فقد انتقلت العائلة مع الأب في كل أرجاء فلسطين:
فمن الرينة ،إلى عسفيا، إلى القدس ،إلى رام الله، وجفنة، فإلى الجنوب: أسدود (التي أصبحت فيما بعد ميناء أشدود) .
وفي أسدود دخل كُتَّاب البلدة، فحفظ جزء "عَمَّ "وأتقن التجويد، ورسَّخ ذلك في نفسه جذوة حبّ اللغة العربية.
وبعد أسدود رحلت الأسرة إلى نجد، ثم إلى الشمال إلى حيفا ،وفي حيفا درس في مدرستها الابتدائية.لكن عائلته ما لبثت أن انتقلت إلى الرينه ،فالتحق بـ "مدرسة اللاتين" التي أضافت إلى تجربته الحياتية أبعادًا جديدة.
وبعد انتهاء مرحلته الابتدائية في القرية،تابع دراسته في مدرسة المعارف في الناصرة ،فكان يمشي إليها ذهابًا وإيابًا ،فعرفت عينه وقلبه قسوة تقلّب الفصول .
ووقتها أيضاً ،استيقظ نبض عينه على مظاهرات الطلاب في ثورة 1936 ،ووصف كل ذلك ببراعة في "ظل الغيمة" ،فكانت تلك المشاركة بذرة الحسّ الوطني الحيّ في نفسه.
وفي سنّ مبكرة، قرأ التراث الأدبي العربي القديم: فرحل مع فضاءات شعراء المعلقات ،وساح مع الجاحظ أمير البيان ،ثم انطلق مع آفاق المحدثين ،بتقنيتهم الجديدة ،فأحبها ،وصادفت منه هوى ، فعرف جبران وباقي الرهط من أدباء المهجر.
وعند انتهاء دراسته في مدرسة المعارف في الناصرة، اختير لمتابعة الدراسة في "الكلية العربية" في القدس.
فأقام في "الكلية العربية" أربع سنوات، حصل خلالها على شهادة الاجتياز الفلسطينية (المترك)، ثم شهادة "الإنترميديت" وإجازة التعليم.وحاز على جائزة الشعر في المباريات التي أقيمت في الكلية على مدى ثلاث سنوات متتالية.
وفي تلك المرحلة بدأ ينشر تجاربه الشعرية ومقطوعاته النثرية في المجلات، مثل: "المنتدى"و"القافلة" ،وكانتا تصدران في(القدس) ، و"المهماز" وكانت تصدر في(حيفا) ،و"الأديب" وكانت تصدر في (بيروت).
كما شارك في إعداد وتقديم "برنامج الطلبة" الأسبوعي من "دار الإذاعة الفلسطينية" في القدس.
كما اشترك مع الأستاذ عبد الرحمن بوشناق في إعداد برنامج الطلاب في "إذاعة الشرق الأدنى".
وبانتهاء دراسته من الكلية في خريف سنة 1947 م،مُنح بعثة حكومية لإتمام دراسته في بريطانية ،لكنه اضطُر إلى تأجيل البعثة سنة واحدة ،فأذنت له إدارة المعارف بذلك ،وعُيّن معلمًا في المدرسة الثانوية في الناصرة ،لكن بانتهاء السنة كانت النكبة فعُطِّلت كل المشاريع.
وبعد الإحتلال الإسرائيلي للناصرة سنة 1948 م ،ظل يعلم في المدرسة الثانوية في الناصرة ،لكن النكبة أثارت لديه أسئلة مصيرية حول ما حدث وكيف حدث.. وكان يرى شعبه بحرقة عين قلبه أنه في حالة من الضياع: لا إطار له ولا تنظيم ، ومصيره مرهون بأيدي الآخرين، فدفعه هذا الواقع الأليم إلى العمل السياسي الواعي المثابر.
وفي تلك الفترة –أواخر سنة 1948 م- أنشأ مع الموسيقار مشيل درملكنيان "جوقة الطليعة"، وتميزت بعملها الفني الدقيق، وكتب لها الأناشيد ورعى مسيرتها. وحصلت الفرقة على جوائز محلية وعالمية ،وشاركت في عدد من المهرجانات العالمية ،وانتشرت أناشيدها وصارت جزءًا من الوجدان الشعبي.
ثم سعى إلى إنشاء حركة للشبيبة في الناصرة ،سميت "اتحاد الشبيبة الديموقراطية" وأقام فروعاً لها في مختلف القرى في الجليل والمثلث،رغم ظروف الحكم العسكري الذي قيَّد حركة المتشبثين بالوطن السليب.
وعندما اتحدت "عصبة التحرر الوطني" مع "الحزب الشيوعي في إسرائيل"، اندمجت "الشبيبة الديموقراطية" في إطار "اتحاد الشبيبة الشيوعية".
وفي خريف سنة 1948م، نشطت الشبيبة الديموقراطية في النضال ضد طرد العائدين إلى الوطن، الذين اعتبروا "متسللين" وقامت في الناصرة بمظاهرات وإضراب عام انطلق من المدرسة الثانوية ، ليشمل البلد كلها ويُبطل الترحيل. وعلى أثر ذلك استدعي المعلمون إلى الحاكم العسكري الذي هدد باتخاذ مختلف الإجراءات ضدهم.
ومع انتهاء تلك السنة الدراسية بُلِّغ جميع المعلمين بالفصل من العمل. وعندما أعيد المعلمون إلى عملهم لاحقاً ظلّ مفصولاً هو والمرحوم الأستاذ فؤاد خوري.
وهكذا انتهت مرحلة التعليم، وبدأت مرحلة احتراف العمل السياسي. فاشترك في سنة 1949م في "مهرجان الشباب العالمي" في بودابست/ في هنغاريا، واشترك في مؤتمر الطلاب العالمي في صوفيا/ في بلغاريا.
وشارك في سنة 1951م في إنشاء مجلة "الجديد" التي صدرت أولاً ملحقاً لجريدة "الاتحاد" قبل حصولها على رخصة خاصة بها.
كما أصدر في سنة م1953 مجلة "الغد" التي اختصت بشؤون الشبيبة (ثقافة وتوعية اجتماعية وسياسية). وشارك في تحرير جريدة “الاتحاد”.
كما نظم العديد من المهرجانات الشعرية في المدن والقرى، واهتمّ بالمواهب الشابة يشجعها ويدعمها. وكان ينشر شعره ومقالاته في مجلة "الجديد".
وفي سنة 1957م رأس وفد "مهرجان الشباب العالمي "المنعقد في موسكو، ورأس مؤتمر "اتحاد الشبيبة الديمقراطية العالمي" في كييف/ في الإتحاد السوفياتي سابقاً.
وأنشأ في جريدة الإتحاد زاوية "وحي الأيام" يعلِّق فيها –شعراً- على الأحداث والهموم اليومية.
واعتقل في أيارسنة 1958م اعتقالاً إدارياً، فتنقل بين سجون الناصرة والجلمة ويافا والرملة والدامون، وخلال هذه الفترة أرسل أشعاره إلى مجلة "الجديد" وجريدة "الإتحاد"، وقام عدد من الشعراء بالمساهمة في زاوية "وحي الأيام" بأسماء مستعارة.
وفي أيلول سنة 1959 م أعيد إلى سلك التعليم، فانتسب إلى أسرة المعلمين في "الكلية الأرثوذكسية العربية" في حيفا، وكانت لاتزال في بداياتها الأولى، فعلم فيها: اللغة العربية وآدابها والأدب العالمي. ولما رأى بثاقب نظره أن التعليم رسالة وطنية هامة، تعاون مع زملائه لتطوير الكلية ،التي أصبحت معهدًا قطريًا يؤمه الطلاب من مختلف أنحاء البلاد، وامتاز طلاب هذا المعهد بوعيهم ومستواهم العلمي والثقافي.
وقد ظل يعمل في هيئة تحرير مجلة "الجديد"، وفي هيئة "الكتب المختارة" التي أصدرت عددًا من الكتب لمؤلفين محليين ومن العالم العربي.
وفي نيسان سنة1960 م تزوَّج من سامية فرح في حيفا، فرُزق بأمية وأمين ورباب.
وفي سنة 1974 م عُيِّن مديرًا للكلية الأرثوذكسية العربية، وتابع تطويرها مع اهتمام بالنشاط الثقافي(المسرحي والغنائي والرياضي).
ودرَّس في دائرة اللغة العربية في جامعة حيفا بين السنوات 1973م-1993م، مؤكِّداً على التعليم باللغة العربية، واستحدث في طرائق مناهج التعليم "الأدب العربي في فلسطين".
وكان مستشاراً للجنة المنبثقة عن قسم المناهج في وزارة المعارف التي أقرت منهاج تعليم اللغة العربية وآدابها للمدارس العربية. ورغم كل العوائق أفلح مع زملائه في إدخال موضوع الأدب الفلسطيني في المنهاج،من منطلق تعميق هوية الطالب العربي ووعيه بانتمائه وتراثه.
كما اشترك في العديد من اللجان الوطنية الثقافية، ومنها "لجنة متابعة التعليم العربي" التابعة للسلطات المحلية العربية، وغيرها من اللجان الرسمية لوضع منهاج لتدريس "الحضارة العربية".
وراجع بطلب من "لجنة الكتاب المقدس العالمية" الترجمة الحديثة لسفر "المزامير"، وأدخل عليها الكثير من التعديلات بالتعاون مع الشاعر المرحوم يوسف الخال.
وفي سنة 1984 م أنشأ مع المرحومين الدكتور سامي مرعي والشاعر فوزي عبدالله مجلة "المواكب".
وفي سنة 1987م تقاعد مبكراً من إدارة الكلية الأرثوذكسية العربية.
وما بين سنوات 1987م-1995م علم في "كلية إعداد المعلمين العرب "بحيفا.
وعُيِّن في إدارة "مركز الجليل للأبحاث الاجتماعية"ما بين سنوات 1990م-1993م.
وفي سنة 1993 م أنشأ مع آخرين مجلة "مواقف" وهي مجلة أدبية وثقافية.
وشارك في ندوات ومؤتمرات ثقافية في العديد من المدن في أوروبا والولايات المتحدة والأردن وتونس.
واهتمّ بدعم المسرح وتطويره في الوسط العربي في إسرائيل، فكان عضواً في الهيئة الإدارية للمسرح الناهض، ومسرح الميدان ورئيساً للجنة المراقبة.
وهوعضو مؤسس في "مجمع اللغة العربية".
ومنحته دائرة الثقافة في "منظمة التحرير الفلسطينية" وسام القدس في سنة 1991م.
وحاز على جائزة الإبداع من وزارة العلوم والفنون في سنة 1995م.
وحاز كتابه “ظل الغيمة” على جائزة بلدية حيفا في سنة 1998م,
وعلى جائزة فلسطين للسيرة الذاتية للعام 1999م.
مؤلفاته
الشعر:
1 نداء الجراح: أصدر المجموعة الأولى في عمان الدكتور عبد الرحمن ياغي سنة 1969م، وقدم لها الدكتورشوقي ضيف. ثم صدرت طبعة أخرى عن دار العودة- بيروت سنة 1970 م. وطبعة ثالثة مزيدة ،عن منشورات "الطلائع"- الناصرة سنة 1999م.
2 قصائد من حديقة الصبر، عكا سنة 1988م.
3 تجرعت سُمَّك حتى المناعة، حيفا سنة 1990 م.
4عراف الكرمل، حيفا سنة 2005م.
5 راعي البراعم، حيفا سنة 2005م.
.التراث الثقافي الفلسطيني:
1 ديوان الشعر الفلسطيني، حيفا سنة 1991م. وهو دراسة أدبية لأربعة من شعراء فلسطين منذ ألف عام.
2 رحلة البحث عن التراث، حيفا سنة 1994م.
3 ثلاثة شعراء، الناصرة سنة 1995م. وهو دراسة أدبية لشعر إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود وأبو سلمى.
4 طلائع النهضة في فلسطين،سنة 2005م.
5 تحقيق ودراسة وتقديم رواية ( مفلح الغساني) لنجيب نصار، الناصرة سنة 1984م.
6 تحقيق وتقديم ديوان روحي على راحتي، للشاعر عبد الرحيم محمود، الناصرة سنة 1985 م.
7 مذكرات نجاتي صدقي، بيروت سنة 2001م.
.مقالات وأبحاث:
1 عالم القصة القصيرة، مطبعة الكرمل ،عكا سنة 1978م.
2 الأدب الملحمي، حيفا سنة 1983م.
3 أوراق خضراء، حيفا سنة 2004م.
4 فستق أدبي، حيفا سنة 2004م.
.تعريب:
1 ليالي حزيران(قصة من الأدب الروماني)، تأليف: بترو ديمتريو، دار الإتحاد حيفا سنة 1951 م.
2 ألوان من الشعر الروماني، دار الإتحاد حيفا سنة 1953 م.
.سيرة:
1 ظل الغيمة، طبعة أولى ،دار الثقافة الناصرة سنة 1997م، والثانية (بيروت) سنة 2001م.
2 مهر البومة، مكتبة كل شيء حيفا سنة 2004م.
3 خميرة الرماد، مكتبة كل شيء حيفا سنة 2005م.