[frame="13 95"] [align=justify] الجانب المظلم ... الحلقة الأولى
التعذيب أصبح القانون الرسمي في الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر
المثُل الأمريكية"، كتاب صدر مؤخراً . وهو من تأليف الصحافية جين ماير، عضو هيئة تحرير مجلة "ذي نيو يوركر" الأمريكية . وتكشف ماير في الكتاب تفاصيل تقرير سرّي أعدته هيئة الصليب الأحمر الدولي، العام الماضي، وفيه تحذّر إدارة بوش، من أن معاملة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للسجناء، تشكّل تعذيباً دون أي شك، ويمكن أن تجعل موظفي إدارة بوش الذين وافقوا على استخدام أساليب التعذيب، مذنبين بارتكاب جرائم حرب . كما تكشف ماير أيضاً، الى جانب أمور كثيرة أخرى، أن إدارة بوش قد تجاهلت تحذيرات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، التي ذكرت قبل ست سنين، أن نحو ثلث السجناء المحتجزين في سجن خليج جوانتانامو، قد سُجنوا خطأ .
الكتاب صادر عن دار دبْلدي، في 392 صفحة.
في سردها لقصة الحرب على الإرهاب، تروي جين ماير، في حقيقة الأمر قصة حربين: الأولى حرب إدارة بوش ضد الأصولية الإسلامية، والثانية صراع خفي مرير، يدور داخل إدارة بوش، خلف الأبواب المغلقة، في سبيل منح الرئيس سلطة غير محدودة لشن تلك الحرب .
وتروي المؤلفة بأسلوب نابض بالحياة، تفاصيل وسمات الحرب على الإرهاب، وهي تفاصيل غاية في الفظاعة والبشاعة، ولكن إدارة بوش اعتادت أن تطلق عليها أسماء ملطفة، ومنها تسليم السجناء إلى دول عريقة في التعذيب، من خلال رحلات جوية في طائرات لا تحمل أي سمات، وإنشاء السجون السرية المبثوثة في بقاع الأرض في دول نائية، والتفنن في استخدام أساليب التعذيب المختلفة أثناء استجواب السجناء، وإعادة السجناء الذين يحالفهم الحظ بإثبات براءتهم، حيث يتركهم عملاء المخابرات الأمريكية مثل الفضلات، معصوبي الأعين، عند الحدود في نقاط نائية، إلى أن يعثر عليهم من يعيدهم إلى دولهم .
ولكن المؤلفة تبدأ حكاية الحرب على الإرهاب من أولها . وفي فصل يحمل عنوان "الذعر"، تقول:
لو كان في الولايات المتحدة أحد جاهزاً ليتصرف عند وقوع أحداث 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية بطريقة معدة سلفاً، فلا بد أن يكون ذلك الشخص هو ديك تشيني، نائب الرئيس .
فقد ظل تشيني قبل أن تضرب الطائرات البنتاجون ومركز التجارة العالمي، بعشرات السنين، يتدرب سراً لمواجهة يوم مهيب كهذا .
خلال ثمانينات القرن الماضي، وعندما كان تشيني عضواً جمهورياً في الكونجرس، ماضياً في صعود سلم السلطة، كان يشارك سراً في أشد برامج إدارة الرئيس ريجان سرية، وهو عبارة عن محاكاة لسيناريوهات البقاء على قيد الحياة، الموضوعة لضمان استمرار بقاء الحكومة الأمريكية في حال حدوث حرب نووية شاملة مع الاتحاد السوفييتي . وفي كل عام، أثناء عطلات الكونجرس في العادة، كان تشيني يختفي تحت جنح الظلام، دون أن يقول لزوجته لاين فينسنت تشيني شيئاً، ويكتفي باعطائها رقم هاتف تتصل به عليه في حال حدوث طارئ . ويظل تشيني برفقة نحو خمسين أو ستين من الموظفين الاتحاديين، يقوم على مدى عدة أسابيع بدور كبير معاوني "رئيس" بديل معين يعسكر في العراء في مكان ناء في الولايات المتحدة .
وتهدف هذه الممارسة إلى التدرب على المصاعب عند التعرض لمحرقة نووية . . وكان يفترض أن وسائل الاتصال المدنية قد دُمرت . ويكمن التحدي في الحفاظ على النظام المدني والسيطرة على الجيش في حال فناء الرئيس المنتخب ونائب الرئيس ومعظم أفراد الفرع التنفيذي . والدستور بطبيعة الحال، يشرح تفاصيل خط التعاقب . فإذا عجز الرئيس ونائبه عن ممارسة مهامهما، تنتقل السلطة أولاً إلى الناطق باسم مجلس النواب، ثم إلى الرئيس المؤقت لمجلس الشيوخ . ولكن الرئيس ريجان، الذي كان قلقاً جداً بشأن الخطر السوفييتي، أصدر أمراً تنفيذياً سرياً وأجرى على العملية إصلاحاً من أجل السرعة والوضوح . وقد أوجد الأمر السري وسيلة لإعادة بناء الفرع التنفيذي، من دون إبلاغ الكونجرس بأنه قد تم تجاوزه، أو طلب إصدار قانون لإضفاء الشرعية القانونية على خطة "استمرار الحكومة" الجديدة . ومن الواضح أن تشيني، المؤيد لتوسيع صلاحيات الرئيس، لم يكترث بهذا الإهمال لدور الكونجرس.
هدوء تشيني في 11 سبتمبر
ويقول المراقبون، إن هذه التدريبات التي مر بها تشيني، كانت بمثابة "بروفات" لتصرفه الهادئ يوم 11/9 . فلم تكن هذه المرة الأولى التي يرى فيها أبواب الجحيم تنفتح . يقول شاهد عيان في ذلك اليوم، إن تشيني، وهو داخل قيادة عمليات الطوارئ الرئاسية، التي تقع على عمق مئات الأقدام تحت البيت الأبيض، لم يطرف له جفن وهو يصدر الأمر باسقاط أي طائرات أخرى مخطوفة، وينسق الجهود مع أعضاء الحكومة الآخرين، وبخاصة مديري مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الاستخبارات المركزية، ويحل القضايا مثل قضية تجنب الاتهام بأخذ رئيسي دولتين زائرين، هما رئيس استراليا، ورئيس لتوانيا، رهينتين، بعد وقف الحركة الجوية .
وبعد ستة أسابيع من الهجمات على نيويورك وواشنطن، كانت إدارة بوش قد نجحت في استعادة الهدوء، وطمأنت الأسواق المالية، واكتسبت عطف ومساندة معظم دول العالم، ولكن البيت الأبيض، غرق مرة أخرى في حالة من الذعر القابل للسيطرة عليه .
وتروي المؤلفة قصة الطرد البريدي الذي أرسل يوم 17 اكتوبر/ تشرين الأول ،2001 إلى مكتب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، توم داشيل، والذي عثر فيه على نوع من سم مرض الجمرة الخبيثة البكتيري القاتل . وجاءت هذه الأخبار بعد أقل من عشرة أيام من موت أحد الضحايا بسم الجمرة الخبيثة في فلوريدا . . وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تعتقد بأن الطرد قد أرسلته منظمة إرهابية ذات خبرة واسعة، وعلى الأغلب أنها حركة القاعدة، كملحق لهجماتها يوم 11 سبتمبر . وفي اجتماع لمجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، ذلك اليوم، وكان تشيني يقوم فيه مقام الرئيس، لأن الرئيس كان خارج البلاد، حث تشيني جميع الحاضرين على ابقاء هذا التخمين سراً.
إنذار كاذب
وكانت أجهزة الاستخبارات الأمريكية تتوقع حدوث المزيد من الأعمال الإرهابية . . وفي اليوم التالي، بدا أن أسوأ هذه المخاوف قد تحقق . . ففي 18 اكتوبر/ تشرين الأول ،2001 انطلقت صفارة الإنذار في البيت الأبيض . . ولم يكن ذلك إنذاراً بحريق . . بل كان مجساً متخصصاً حساساً، مصمماً لإنذار كل من في الجوار، بأن الهواء الذي يتنفسونه قد تلوث بمادة مشعة أو كيماوية أو بيولوجية قاتلة . . وقد ظنوا يومئذ أن هجوماً بغاز الأعصاب قد وقع على البيت الأبيض . . وتبين فيما بعد أن ذلك الإنذار كان كاذباً . ولكن، في 22 اكتوبر/ تشرين الأول، ذكر جهاز الاستخبارات السرية أنه قد عثر على ما يعتقد بأنه آثار أخرى لبكتيريا الجمرة الخبيثة على آلة لفتح الرسائل في البيت الأبيض . وفي ذلك الوقت، كان تشيني قد أقنع الرئيس بدعم برنامج للاستعداد لمواجهة الإرهاب البيولوجي، بتكلفة 1،6 مليار دولار . واقترح تشيني تحصين كل مواطن في البلاد ضد مرض الجدري .
وفي الأيام العشرة التالية، تكررت التهديدات بوقوع هجمات قاتلة، وكانت مثيرة للذعر، إلى درجة جعلت تشيني يصر بهدوء يوم 29 اكتوبر، على الانتقال من البيت الأبيض، إلى ما وصف بأنه "موقع سري آمن"، وهو أحد الملاجئ الكثيرة المقاومة للحرب النووية، التي بنتها إدارتا ترومان وايزنهاور، والتي كان أقربها يقع تحت الصخور الصلبة على عمق مئات الأقدام، في مناطق مثل جبل ويذر، في جبال السلسلة الزرقاء في فرجينيا، وعلى طول الحدود بين ميريلاند وبنسلفانيا، غير بعيد عن كامب ديفيد.
الإحساس بالخطر الماحق
ويقول الموظفون الذين كانوا يعملون في البيت الأبيض، أو غير ذلك من المناصب الحساسة التي تتيح لهم الاطلاع على ملفات الاستخبارات، أثناء خريف سنة 2001: إن الإحساس بالخطر الماحق كان مهيمناً على أفراد الفئات العليا في إدارة بوش، خلال تلك الشهور . فقد كان هؤلاء يعتقدون بأنهم سوف يُضربون من جديد . وقد أقنعوا أنفسهم بأنهم يواجهون قنبلة موقوتة توشك على الانفجار .
وكان خبراء مكافحة الإرهاب يعلمون أن أعضاء حركة القاعدة كانوا في الماضي القريب قد حاولوا الحصول على أسلحة نووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل الرهيبة للقتل على نطاق أوسع . وكانوا خلافاً لأعداء أمريكا السابقين يستهدفون المدنيين الأبرياء ويقاتلون سراً مستهينين بالحياة . وكان الخصوم الآخرون أقوى وأفضل تنظيماً، ولكن أياً منهم لم يوجه ضربة بهذه القوة إلى أمريكا في عقر دارها، ولم ينشر مثل هذا الإحساس بالهشاشة واحتمال التعرض للخطر بين السكان . . وفي ظل هذه الظروف، كان المسؤولون في الإدارة الأمريكية يتوقعون جازمين حدوث ضربة ثانية .
وتضيف المؤلفة قائلة: إن إحساساً بالخطر الدائم كان يلاحق تشيني أينما ذهب . فعندما كان يذهب إلى مكتبه في البيت الأبيض من محل إقامة نائب الرئيس، كان ينتقل في رتل مدرع يغير مساره ليخدع المهاجمين المحتملين . وعلى المقعد الخلفي، وراء تشيني، كانت تقبع حقيبة مصنوعة من نسيج غليظ وبداخلها قناع واق من الغازات، وسترة واقية من المواد البيوكيماوية، ونادراً ما كان يتنقل من دون أن يصحب طبيباً معه . ويظن بعض المحيطين بتشيني، أن هجمات 11 سبتمبر/ بالإضافة إلى مشاكله الصحية، قد فاقمت تشاؤمه المفطور عليه . . ويقول لورانس ولكرسون، كبير معاوني وزير الخارجية السابق، كولن باول، "إن تشيني قد أصيب بصدمة بفعل أحداث 11/9 . وقد أصبح المسكين موسوساً" .
تقول مؤلفة الكتاب، إن الدرس الذي تعلمه بوش وتشيني من هجمات 11/،9 هو أن الإرهابيين قد ضربوا الولايات المتحدة لأنها كانت هدفاً سهلاً . وقد شعر بوش بالقلق لأن الأمة الأمريكية كانت "تنزع إلى المادية واغتنام اللذات"، وأن ابن لادن لم يشعر بخطورتها عليه . وفي مواجهة العدو الجديد وفشل الاستخبارات، تحول بوش وتشيني إلى بضاعة المحافظين البالية، وأفكارهم التي كان تعشش في أذهان اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري منذ أيام ووترجيت . وكان هؤلاء يعتقدون بأن هنالك ما هو أكثر من اللازم من القانون الدولي، ومن الحريات المدنية، والقيود على سلطات الرئيس الحربية، وحقوق المدعى عليهم، والضوابط ضد الأعمال السرية المدمرة . وكانوا يعتقدون أيضاً أن هنالك ما هو أكثر من اللازم من الانفتاح، ومن تدخلات الكونجرس والإعلام.
تعزيز سلطة الرئاسة
وكان تشيني على وجه الخصوص يتململ من الكوابح التي فرضت بعد ووترجيت على سلطات الرئيس منذ أواسط سبعينات القرن الماضي، عندما كان يشغل منصب كبير مساعدي الرئيس جيرالد فورد . وكان بوصفه نائباً للرئيس قد بدأ بالفعل تعزيز سلطة الرئاسة بشدة . وكان تشيني ينظر إلى الخطر الإرهابي من زاوية مدمرة، بحيث إن الغاية، وهي إنقاذ أمريكا من انقراض محتمل، تبرر استعمال أي وسيلة . وكما قال ولكرسون السالف الذكر، والذي يدرس شؤون الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن، "إن تشيني لديه هدف مفرد، وبالأبيض والأسود، وهو أن أمريكا أسمى من أي شيء سواه . وهو يرى أن الأمن التام يمكن تحقيقه . وأنا لا أستطيع أن أخطئ الرجل على رغبته في الحفاظ على أمن أمريكا . ولكنه يريد إفساد البلاد كلها للحفاظ عليه" .
تقول المؤلفة، إن الجدل بشأن معقولية مخاوف البيت الأبيض يطول . ولكنه في هذا الجو المحموم، تم وضع نظام قانوني جديد للتغلب على ما وصفه بوش بأنه نوع جديد من الأعداء، في حرب "لا تشبه أي حرب أخرى" .
وبعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول ،2001 على الفور أشرف تشيني على بعض ألمع المحامين وأفضلهم تدريباً في البلاد، يعملون سراً في البيت الأبيض وفي وزارة العدل الأمريكية، لكي يخرجوا بتبريرات قانونية لإجراء توسيع هائل لسلطات الحكومة في شن الحرب على الإرهاب.
شرعنة التعذيب
وكجزء من تلك العملية، وللمرة الأولى في تاريخها، أباحت الولايات المتحدة لمسؤولي حكومتها أن يعذبوا نفسياً وجسدياً، أسرى الولايات المتحدة، جاعلة التعذيب هو القانون الرسمي، وإن لم تعترف بذلك رسمياً .
كما أباح المحامون ممارسات أخرى كانت غير قانونية في السابق، من بينها الاعتقال السري واحتجاز المشتبه فيهم إلى أجل غير مسمى من دون توجيه تهم إليهم . وبوصم المشتبه فيهم بكل بساطة، بأنهم "محاربون أعداء" يستطيع الرئيس أن يعلق أمر جلبهم إلى المحكمة، الذي يضمن للشخص حق تحدي سجنه أمام سلطة عادلة ومستقلة . وما أن يصبح هؤلاء المشتبه فيهم محتجزين لدى الولايات المتحدة، حتى يصبح بالإمكان كما يقول محامو الرئيس اعتقالهم من دون السماح لهم بالاتصال بأحد، واخفاؤهم عن عائلاتهم وعن المراقبين الدوليين، مثل أفراد الصليب الأحمر، وتعريضهم لأذى لا نهاية له، ما دام لا ينطبق عليه تعريف هؤلاء المحامين للتعذيب . ويمكن أن يظلوا في الحجز مادامت الحرب على الإرهاب جارية، وهي الصراع الذي لم يحدد فيه النصر بوضوح أبداً.
وتضيف المؤلفة قائلة، إنه لا أحد يعترض على حماية أمن الأمة . ولكن الخطوات التي اتخذتها إدارة بوش في حربها على الإرهاب . ومن وجهة نظر أحد أبرز المفكرين الأمريكيين تعتبر وصمة عار على جبين التاريخ الأمريكي والتقاليد الأمريكية، تتجاوز بمسافة شاسعة كل وصمة سبقتها . ويمثل برنامج مكافحة الإرهاب الذي وضعته إدارة بوش، والذي يتجاوز القانون، تحدياً سافراً وجذرياً لحكم القانون في التاريخ الأمريكي، كما قال آرثر شليزنجر الأصغر .
وتضيف المؤلفة، أنها عندما سألت شليزنجر، الديمقراطي الليبرالي، سنة 2006 التي سبقت سنة وفاته، عن رأيه في سياسة بوش في موضوع التعذيب، قال "إنه ما من موقف اتخذ وكان له ضرر أكبر على سمعة أمريكا في العالم أبداً" .
وتقول المؤلفة، إنه بينما لا يوجد شيء جديد بشأن التعذيب، إلا أن إباحته من قبل محامي إدارة بوش تمثل انبتاتاً حاداً عن الماضي . ففي وقت مبكر جداً، ومنذ أيام الحرب الثورية، أقسم الجنرال جورج واشنطن، أن هذا البلد الجديد في العالم الجديد وخلافاً لبريطانيا، التي كانت تعذب أسرى الأعداء سوف يميز نفسه عن سواه بإنسانيته . ففي حربها لتحرير العالم من الشيوعية والفاشية والنازية، وبعملها للتقليل من الجهل والفقر في العالم، عملت أمريكا أكثر من أي دولة أخرى على وجه الأرض، لاستئصال التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان .
ومع ذلك، كما تقول المؤلفة، وفي الذكرى الستين للحكم الذي أصدرته محكمة جرائم الحرب الشهيرة في نورمبرج، والذي أرسى أسس مبدأ لا يتزعزع، وهو أن التقيد بحرفية القانون، وتفسيراته التقنية، لا يمكن أن يحل محل خيار الفرد الأخلاقي وضميره، أصبحت أمريكا أول دولة على الاطلاق، تبيح انتهاكات اتفاقيات جنيف . وهذه المعاهدات الدولية، التي صاغ الكثير منها قانونيون أمريكيون في أعقاب الفظائع النازية الرهيبة في الحرب العالمية الثانية، وضعت أساساً لحد أدنى من المعاملة الإنسانية لكل فئات السجناء الذين يؤخذون في أي نوع من أنواع الصراعات الدولية، وبدلاً من صف السجناء أمام حفر الخنادق وإعدامهم، أو إبادتهم في غرف الغاز، أو تعريضهم لمحن جسدية منهكة، فإنه منذ ذلك الوقت وما بعده، سوف يمنح كل السجناء الأعداء وحتى الجواسيس والمخربين منهم قيمة أساسية، لأنهم ببساطة، بشر . وقد لعبت أمريكا منذ وقت طويل دوراً خاصاً بوصفها بطلة العالم العنيدة في تأييد هذه الحقوق الأساسية، وهي لم تكن مجرد دولة موقعة، بل هي الراعية لاتفاقيات جنيف، التي ترقد نسخها الأصلية الموقعة في سرداب وزارة الخارجية.
وتضيف المؤلفة قائلة، إن أي وصف عادل للكيفية التي ضحت بها أمريكا بقيمها العزيزة في حربها على الإرهاب، عليه أن يعترف بأن العدو الذي واجهته إدارة بوش في 11 سبتمبر/ أيلول، والذي لاتزال الولايات المتحدة تواجهه، حقيقي ومروّع . وفي كثير من الأحيان، كان المسؤولون في السلطة الأمريكية يشعرون أنه لا خيار في أيديهم . ولكن أمريكا كانت قد واجهت في السابق كما تقول المؤلفة أعداء لدودين آخرين، أكثر خطراً، إن لم يكونوا بالقدر نفسه من الخطورة، من دون أن تعرض للخطر سلطتها الأخلاقية باللجوء إلى التعذيب بإذن من الدولة . كما أن دولاً ديمقراطية أخرى، تعرضت لمخاطر مماثلة أو أعظم بسبب الإرهاب، من دون أن تدمر قيمها وقوانينها.
تأليف: جين ماي ر، عرض وترجمة: عمر عدس "الخليج"
يتبـــــــع>>>>>
[/align][/frame]
[frame="13 95"][align=justify]
كتاب المثُل الأمريكية / الجانب المظلم.. الحلقة الثانية
تمضي المؤلفة إلى القول: ولكن، لكي نفهم رد فعل إدارة بوش المدمر للذات على أحداث 11 سبتمبر/أيلول علينا أن ننظر إلى تشيني بوجه خاص، المدافع العنيد عن توسيع صلاحيات الرئيس، فقد ظهر في أول يوم أحد بعد هجمات 11/9 في برنامج “واجه الصحافة” وأعطى وصفاً لا ينسى للكيفية التي ترى بها إدارة بوش الخطر المستمر وكيف خططت للرد عليه، وقال تشيني يومئذ علينا أن نعمل إلى حد ما من الجانب المظلم، ان شئت ان تسميه كذلك.
وأضاف موضحاً: علينا أن نمضي وقتاً في الظلال في عالم الاستخبارات، والكثير مما ينبغي عمله هنا، يجب عمله بهدوء، دون أي نقاش، وباستخدام المصادر والأساليب المتوفرة لوكالات استخباراتنا، إذا كنا سننجح، ذلك هو العالم الذي يعمل فيه أولئك الناس، وسيكون من المهم بصورة حيوية لنا استخدام أي وسائل متاحة لنا بصورة أساسية، لتحقيق أهدافنا.
وتعقب المؤلفة على ذلك قائلة بعد ذلك مباشرة اختفى تشيني عن انظار الجمهور ولكن تأثيره بدأ يشكل كل ما أتى بعد ذلك.
مؤامرة الصمت
تتحدث المؤلفة في أحد فصول الكتاب عن أفراد حركة القاعدة الذين دبروا ونفذوا هجمات 11/9 وكذلك عن المعلومات الاستخبارية التي كانت تملكها أجهزة الاستخبارات الأمريكية عنهم دون أن تتحرك للربط بين هذه المعلومات، والتنسيق فيما بينها وبين الأجهزة الأخرى للحيلولة دون وقوع الهجمات التي حدثت.
ولا يخلو سرد المؤلفة لكل ذلك من جديد، ولكن مما يستوقف القارئ قولها في معرض الحديث عن تقاعس إدارة بوش عن التحقيق في أحداث سبتمبر، ومحاسبة المسؤولين عن التقصير ان سفير احدى الدول الأجنبية التي عملت ضد الإرهاب بتنسيق وثيق مع إدارة بوش، أعرب عن دهشته البالغة لما سماه “مؤامرة الصمت من جانب زعماء كلا الحزبين في واشنطن بعد 11 سبتمبر، فقد قال ذلك السفير “لا حاجة إلى معاقبة الناس بسبب الخلافات المشروعة في الرأي في مدى خطورة حركة القاعدة قبل 11/9 . ولكن على المرء أن يفهم الأخطاء التي وقعت، ولم يشأ المسؤولون في إدارة بوش تحديد ذلك، وإذا كان المسؤولون في الإدارة مهملين بصورة جماعية أو خاملين فكرياً، أو أساءوا الحكم على الأمور، فإنه ينبغي فعل شيء إزاء ذلك، بحيث تكون هنالك محاسبة وعملية تعلم، ولكن ذلك لم يحدث”.
وتضيف المؤلفة ان ديك تشيني استخدم كل نفوذه السياسي لقتل أي محاولة لإجراء أي تحقيق شامل مستقل، وحذر زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ توم داشل سنة 2002 من انه إذا أصر على إجراء مثل التحقيق، فسوف يضمن البيت الأبيض إظهار الديمقراطيين وكأنهم يفوضون الحرب على الإرهاب، وكان ذلك تهديداً خطيراً إذا أخذنا في الاعتبار العواطف الشعبية الأمريكية التي كانت سائدة يومئذ.
وتذكر المؤلفة أن جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في ذلك الوقت لم يرد أن تجرى أي تحقيقات في ملف الوكالة المتعلق بحركة القاعدة، وقد صاغ هذا الطلب ببراعة، عندما أخبر الرئيس بوش ان موظفيه في وكالة الاستخبارات كانوا يقومون بالعديد من المهام الصعبة، ويجازفون بأرواحهم في سبيل بلادهم، فليس من العدل كما قال، إلقاء ظلال الشك عليهم.
وقال تينيت انه لا يحاول بذلك حماية نفسه، بل يريد حماية من هم دونه في الوكالة، وقال لبوش ان رجالي يبذلون قصارى جهدهم، وقد انقذوا أرواح الألوف من الناس . . والرجال والنساء الذين يؤدون واجبهم في وكالة الاستخبارات، يودون أن يعرفوا يا سيادة الرئيس انك تثق بهم، دعونا نبتعد عن لعبة اللوم على الفشل . ووعده بوش على الفور بألا يجري توجيه أي اتهامات مضادة وقد وفى بوش بوعده، فعندما هاجم أحد أعضاء الكونجرس الجمهوريين اداء تينيت هب بوش للدفاع عنه قائلاً لا يمكن توجيه اللوم الى فريقنا، ولن افعل ذلك ان امتنا في حالة حرب، وعلينا أن نحث الكونجرس صراحة على ان يدع الرجل وشأنه . ان تينيت يقوم بواجبه على اكمل وجه وإذا لم يفعل فوجهوا اللوم إليّ لا إليه”.
40 إيجازاً رئاسياً يومياً
وتعلق المؤلفة على موقف بوش هذا قائلة إن البعض يرى أنه منطلق من خصلة يعرف بوش بأنه يتصف بها، وهي اخلاصه الشخصي لأصدقائه ولكن بعضاً آخر يرى في ذلك خصلة أخرى، هي عدم اتصاف بوش بالصلابة الفكرية، والميل الى البحث عن الحقيقة كما ان التحليل الذاتي لم يكن من اساليبه في العمل، ولكن منقذيه يعتقدون ان سبب تجنبه اجراء تحقيق في احداث 11/9 هو ان القاء نظرة متفحصة على ملفه بشأن الإرهاب قبل 11 سبتمبر سيفقده الكثير دون ان يعود عليه بأي نفع فقد كانت وكالة الاستخبارات المركزية أحاطته علماً عند تسلمه مهام منصبه بملف اسامة بن لادن، وكشفت لجنة 11/9 انه كان تلقى اكثر من اربعين ايجازاً رئاسياً يومياً يرد فيه ذكر ابن لادن بين يناير/كانون الثاني و10 سبتمبر/أيلول ،2001 ولكنه لم يكن يطيق التركيز في القراءة كثيراً، فهو يتصفح الملفات خمس دقائق ويضعها جانباً ليتصفحها خمس دقائق أخرى في مرة أخرى وهكذا على عكس تشيني الذي كان لا تفوته شاردة ولا واردة في التقارير الاستخبارية التي يقرؤها بتمعن وتركيز.
تردد كلينتون وتهور بوش
تناولت المؤلفة في احد فصول الكتاب الطريقة التي سترد بها الإدارة الامريكية على هجمات 11 سبتمبر . فبعد هذا اليوم إذ بات ارث بوش الرئاسي في الميزان، وإذ راحت البلاد ومعها العالم كله في حقيقة الأمر تنتظر رد بوش على احداث 11/9 بدا الفارق بين تردد كلينتون وتهور بوش واضحاً تماماً.
وصحيح أن فظاعة الهجمات مسؤولة عن بعض ذلك، ولكن إذا كان كلينتون سيتروى ويدرس قضية استخدام القوة الفتاكة، فإن بوش لم يفكر في الأمر ولم يتردد أبداً، بل كان كل ما يشغل باله في الاجتماع الذي عقد بعد تلك الاحداث هو الوقت الذي سيستغرقه الهجوم على افغانستان وقتل ابن لادن.
وكان الجواب الذي تلقاه ان القضاء على القاعدة وطالبان لن يستغرق سوى اسابيع.
وكانت آثار هذا التوجه الى استخدام القوة على حكم القانون في الولايات المتحدة، قد غدت واضحة على الفور تقريباً فبعد احداث 11/9 بقليل، نظر بوش في عيني مدعيه العام اشكروفت كما يقول هذا في مذكراته وقال له ببرود شديد “لا تدع ذلك يحدث مرة اخرى ابداً” . وفسر اشكروفت ذلك القول بأنه أمر رئاسي بالتحول الجذري إلى الهجوم والاستباق والمبادرة، وكانت كلمات الرئيس قليلة، ولكنها واضحة فهو سوف يعتبر اشكروفت مسؤولاً عن عدم احباط الهجوم القادم، وكان فحوى كلام الرئيس أن الأمن القومي يعلو على أي همّ آخر، وها هو الرئيس يكلف أعلى رجل قانون في البلاد بأن يفعل أي شيء، وكل شيء لوقف الإرهابيين مهما كلف الأمر.
قيود قليلة
تتابع المؤلفة التطورات التي طرأت على القوانين الامريكية منذ احداث 11 سبتمبر/ايلول ،2001 والتي أفضت إلى منح الرئيس سلطات وصلاحيات غير مسبوقة.
تقول: ان توم داشلي، زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ كان حريصاً في الايام التي تلت هجمات 11 سبتمبر على فعل كل ما يطلبه الرئيس . ولكنه وضع حداً لذلك يوم 14 سبتمبر 2001 عندما تقدم نظيره الجمهوري، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ترينت لوت، بطلب خاص من البرتو غونزاليس، مستشار البيت الأبيض.
كان الكونجرس على وشك تخويل الرئيس الذهاب إلى الحرب ضد مرتكبي الهجمات . وكانت الصياغة قد وضعت، وينتظر التصويت عليها . ولكن في اللحظة الأخيرة، قدم البيت الأبيض اقتراحاً جديداً عاجلاً، وهو عبارة عن مسودة قانون، يمنح البيت الأبيض عملياً سلطة دون قيد أو شرط ومقدرة على فعل أي شيء، كما يقول داشلي.
وقد طلب غونزاليس تحديداً، ان يقوم الكونجرس بتوسيع سلطة الرئيس الحربية، بقدر اكبر مما تم الاتفاق عليه . وكان الرئيس بوش يريد تفويضاً بشن الحرب ضد من يشتبه بأنهم ارهابيون، لا في الخارج وحسب، بل وفي داخل الولايات المتحدة أيضاً.
ويقول داشلي ان هذا الطلب أصابهم بالذهول . فقد كان الكونجرس قد رفض الجهود التي بذلها البيت الأبيض لتوسيع تعريف العدو . وكان البيت الابيض يريد عدم الاكتفاء باستهداف الارهابيين الذين يمكن اثبات العلاقة بينهم وبين هجمات 11 سبتمبر، بل استهداف كل من يعتبره الرئيس إرهابياً . وبعد مساومة طويلة، بدا ان البيت الأبيض قبل صياغة وسطية . ولم تكن بالاتساع الذي يريده البيت الأبيض، ولكنها مع ذلك، منحت الرئيس سلطة التعامل مع الحرب على الارهاب باعتبارها صراعاً مسلحاً مع وجود قيود قليلة جداً . فهو يستطيع ان يستخدم “كل القوة الضرورية المناسبة، ليشن حرباً ضد أي” دول أو منظمات أو اشخاص، يقرر أنهم كانوا قد “خططوا الهجمات الارهابية التي وقعت في 11 سبتمبر، أو أجازوها، أو ارتكبوها، أو ساعدوا على ارتكابها” . كما انه حرّ كذلك في استهداف كل من “آوى مثل تلك المنظمات أو الأشخاص” من أجل منع حدوث أعمال ارهابية في المستقبل . والآن، وقبل دقائق من تسليم داشلي الصياغة المقبولة للكونجرس للتصويت عليها، عاد البيت الأبيض بمناورة جديدة . فظهر لوت نيابة عن غونزاليس، مصراً على ان تضاف الكلمات “في الولايات المتحدة” إلى منطقة القتال التي يقترحها الرئيس . وبدا الطلب في نظر داشلي غريباً . فهذه الصياغة من شأنها ان تمنح الرئيس سلطة اعتبار المواطنين الامريكيين محاربين معادين، ويحتمل ان تجردهم من حرياتهم المدنية.
رفض داشلي اعطاء الرئيس ما اعتبره صكاً مفتوحاً . وبدلاً من ذلك، صوت مجلس الشيوخ ذلك اليوم، بالإجماع، ومجلس النواب بأغلبية 420 ،1 لصالح تخويل الرئيس سلطات حربية اكثر تحديداً . . ولكن تلك لم تكن نهاية المسألة.
وفي مساء ذلك اليوم، القى الرئيس بوش خطاباً، أمام جمهور ضم الرؤساء السابقين كلينتون، وبوش وكارتر وفورد . وقد تحدث في ذلك الخطاب عن عزمه على “تخليص العالم من الشر” . وبدت العاصمة الامريكية لوهلة، وقد توحدت وتجاوزت تصادم السياسات الحزبية التي كادت توقع رئاسة بوش في شركها قبل ذلك بأيام.
ولكن، وبينما كان بوش يدعو إلى روح جديدة من الأهداف المشتركة، كان فريقه القانوني، الذي كان متطرفاً عقائدياً، ومتعصباً لحزبه، عاكفاً على اعداد مذكرات قانونية سرية تمنح الرئيس كل السلطات التي رفض الكونجرس من فوره، منحها لإدارته، بل واكثر منها.
وتواصل مؤلفة الكتاب قائلة: ومن دون ابلاغ الكونجرس أو الجمهور، اللذين لم يطلعا على هذه المذكرات غير العادية، الا بعد ثلاث سنوات على الأقل، رفض فريق محامي الرئيس فكرة قدرة الكونجرس على الحد من سلطة الرئيس الحربية أصلاً . وقد محا التفسير القانوني الجديد سنوات من القيود والحدود، وأفرغ قوانين كثيرة من مضمونها، ومنها “قرار السلطات الحربية” الذي صدر بعد حرب فيتنام، والذي يحظر على الرئيس المشاركة في أعمال عدائية عسكرية لمدة تزيد على تسعين يوماً، من دون تفويض من الكونجرس.
وقد يكون داشلي قد حسب انه منع الرئيس من استخدام سلطاته الحربية الزائدة كقائد أعلى داخل الولايات المتحدة . ولكن محامي الرئيس، سعوا في اليوم ذاته إلى استصدار نصيحة بديلة من وزارة العدل، بشأن هذه المسألة . وارادوا ان يعرفوا عن “شرعية استخدام القوة العسكرية لمنع أو ردع القيام بعمل ارهابي داخل الولايات المتحدة”، حسبما جاء في مذكرة سرية لوزارة العدل.
وخلال أسبوع، اعطت وزارة العدل اجابة سرية أصابت داشلي بالذهول عندما علم بأمرها . وجاء في تلك المذكرة، أنه في أيام الطوارئ الوطنية، التي أعلنت منذ 11 سبتمبر، “اذا قرر الرئيس ان الخطر يبرر نشر الجيش داخل البلاد”، فإن بوسع الحكومة الاتحادية ان تقوم بصورة قانونية “بالإغارة على، أو مهاجمة، المساكن التي يعتقد بوجود ارهابيين فيها، على الرغم من مخاطر احتمال وقوع قتلى أو جرحى من أطراف ثالثة أثناء تبادل اطلاق النار” . كما ان بوسع الحكومة اسقاط الطائرات المدنية المخطوفة من قبل ارهابيين، وإقامة نقاط تفتيش عسكرية داخل المدن الامريكية . وقالت وزارة العدل أيضاً ان بوسع الفرع التنفيذي ان يتجاهل اجراءات الحماية الواردة في التعديل الرابع، التي تحظر عمليات التفتيش غير القانونية، ومن دون أوامر من المحكمة، وان يتجاهل أيضاً قوانين معينة أجازها الكونجرس، تحظر التجسس على المكالمات الهاتفية، والرقابة السرية على اتصالات الامريكيين . وكان مثل ذلك التجسس على المكالمات دون أمر من المحكمة يعتبر مخالفاً للقانون منذ سنة 1978.
وكان فريق بوش القانوني، يجادل قائلاً ان الرئيس لا يملك فقط سلطة الدفاع عن الأمة بالطريقة التي يراها ملائمة، وبطرق لا تقيدها أي قوانين، بل انه يملك أيضاً سلطة تجاوز القوانين الموجودة التي وضعها الكونجرس من أجل كبح سلطة الرئيس تحديداً . كما كانوا يرون انه يمكن تجاوز امثال كل هذه القوانين، ومن بينها القوانين التي تحظر التعذيب، والاحتجاز السري، والمراقبة دون امر من المحكمة.
يتبـــــــع>>>>>
[/align][/frame]
[frame="13 95"][align=justify]
كتاب المثُل الأمريكية / الجانب المظلم.. الحلقة الثالثة
تقول المؤلفة إن مشورة وزارة العدل، القانونية بشأن هذه المسائل الحساسة، ظلت طي الكتمان، ولكن تلميحات تدل على مضمونها كانت تظهر إلى العلن من خلال تصريحات بوش بين حين وآخر.
ومن ذلك على سبيل المثال، قول بوش بعد أسبوع من رفض داشلي الطلب الذي تقدم به البيت الأبيض إلى الكونجرس، وفي خطاب استمع إليه أكثر من 80 مليون أمريكي “سواء جلبنا أعداءنا للعدالة، أو جلبنا العدالة لأعدائنا، فإن العدالة سوف تتحقق”، ثم أضاف الرئيس قائلاً: “إن حربنا على الارهاب تبدأ بحركة القاعدة، ولكنها لا تنتهي هناك”.
وقال إن هدف أمريكا ليس ابن لادن والمسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر وحدهم، بل “شبكة الارهاب العالمية”، وأضاف بوش قائلاً: “ينبغي على الأمريكين ألا يتوقعوا معركة واحدة، بل حملة طويلة، تختلف عن كل ما شهدناه سابقاً”.
قصة السجين رقم 1
تحكي المؤلفة قصة السجين رقم واحد في الحرب على الإرهاب، الأمريكي جون دوكر لينده، الذي كان قد ذهب إلى افغانستان، لكي يساعد حركة طالبان في حربها مع تحالف الشمال، كما قال . . والذي استسلم للقوات الأمريكية في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2001.
وتقول المؤلفة، إن الرحمة بالمشتبه بأنهم ارهابيون، لم تكن على سلم اولويات ديك تشيني في ذلك الوقت، فقبل اسبوعين من استسلام لينده، وقبل ان يقرر الرئيس الأسلوب القانوني الذي ستسير عليه إدارته، كان تشيني قد ألقى خطاباً متشدداً في غرفة التجارة الأمريكية في واشنطن، أعلن فيه ان الارهابيين “لا يستحقون ان يعاملوا كأسرى حرب”.
وكان واضحاً أن تشيني قد اتخذ هذا الموقف من تلقاء ذاته، وبعد ذلك بعشرة أسابيع تبنى الرئيس بوش هذه السياسة رسمياً عندما صادق على أمر رئاسي يعلن أن أمريكا سوف تحرم السجناء من حركة القاعدة وحركة طالبان، وغيرهم من السجناء في الحرب على الارهاب من اجراءات الحماية بموجب المعايير الدولية، التي وضعت أسسها اتفاقيات جنيف سنة 1949.
وكانت مائة وتسع وتسعون دولة، من بينها الولايات المتحدة وأفغانستان قد وقعت على تلك الاتفاقيات، وتعهدت بالالتزام بالمبادئ العالمية الخاصة بالصراعات المسلحة، ولكن نائب الرئيس الأمريكي لم يشعر بأي تأنيب ضمير وهو يعلن رأيه القائل إن ذلك التعهد لا يشمل السجناء في الحرب على الإرهاب، سواء وافق الرئيس على ذلك أم لم يوافق، وتقول المؤلفة، إن أياً من الحجج القانونية المعقدة التي تبنتها إدارة بوش أثناء الشهور الأولى بعد 11 سبتمبر، لم يمهد السبيل أمام التعذيب، وبطريقة مباشرة، مثلما فعل هذا القرار.
وقد أضافت المعركة التي دارت حول قضية القبض على لينده مزيداً من الأهمية والإلحاح إلى النقاش الدائر في واشنطن بشأن ما ينبغي عمله مع أسرى العدو الجديد.
حل تشيني
كان السؤال واضحاً، ولكن الاجابات لم تكن كذلك، قال برادرفورد بيرنسون، مستشار البيت الابيض المشارك، شارحاً فيما بعد “لقد واجهنا اللغز التالي جميعاً: عندما تأسر ارهابياً من حركة القاعدة، ماذا تفعل به؟ فأنت لا تستطيع ان تقتله بعد ان احتجزته وأصبح أسيراً، لأن ذلك سيكون انتهاكاً للقانون الدولي، وأنت لا تستطيع ان تطلق سراحه لأنه خطير جداً، ويمكن ان يكون ثميناً جداً كمصدر للمعلومات الاستخبارية . كما انك لا تستطيع في كثير من الحالات، محاكمته في نظام المحاكم المدنية العادية” . على حد ما يعتقده البيت الأبيض في عهد بوش.
وتم التوصل إلى حل إدارة بوش لهذا “اللغز” المعقد ضمن عملية غير عادية بدرجة عالية، وكان الحل ملفّعاً بالسرية واستثنى من المشاركة في وضعه معظم اعضاء الحكومة بمن فيهم أبرع خبراء الإدارة في القانون العسكري والقانون الدولي، وكان الذي وضعه هو ديك تشيني، ومستشاره القانوني ديفيد اونجتون وحفنة من أعضاء “مجلس الحرب” المحافظين المتماثلين في تفكيرهم، والذين عينوا أنفسهم بأنفسهم، والذين لم يكن اي منهم من المحاربين القدامى، ناهيك عن أن يكون خبيراً في القانون العسكري، والذين اغتصبوا سلطة اتخاذ القرار اغتصاباً، وتبين ان الحل الذي وضعوه - وهو فرض نظام قانوني بديل يتبع قواعد وأسساً من اختراع الفرع التنفيذي - هو أصل كل المشكلات القانونية المثيرة للحنق، التي خلقتها إدارة بوش في حربها على الإرهاب.
وتقول المؤلفة، إن هذه السياسات الأساسية، كان يتم اتخاذها منذ البداية بطريقة تفوق المألوف، وعلى مدى خمسين سنة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي ظل الإدارات الديمقراطية والجمهورية، كان يجري طرح معظم المبادرات الكبرى التي تتعلق بالأمن القومي، للنقاش الجماعي في عملية تشارك فيها الوكالات العديدة، وتضم خبراء من وزارات الدفاع والخارجية والعدل، والاستخبارات ومجلس الأمن القومي، وفي بادئ الأمر، عهد مستشار البيت الأبيض، البرتو غونزاليس، بمسألة كيفية معاملة سجناء الحرب على الإرهاب، إلى مثل هذا النوع من المجموعات الاستثنائية وكان الزعيم المعين لها بيير ريتشارد بروسبر، السفير فوق العادة لقضايا جرائم الحرب في وزارة الخارجية.
ولكن موظفي تشيني وغيرهم من اعضاء مجلس الحرب امتنعوا عن المشاركة في عملية هذه المجموعة الاستشارية، وكانوا يزدرون بروسبر باعتباره ليناً، متوانياً، وغير ملائم، وكثير الاحترام للقانون الدولي، وكان قد حظي بالثقة عند طرح قضية الإبادة الجماعية في رواندا، على المحكمة الجنائية الدولية.
ومع ذلك، وفي الاسابيع التي تلت 11 سبتمبر، طلب غونزاليس من المجموعة التي تشارك فيها وكالات ووزارات عديدة، ان تضع عدة خيارات للكيفية التي ستجلب بها الولايات المتحدة المتهمين بالإرهاب إلى العدالة، وكانت إحدى الأفكار التي أثارت اهتمام تشيني وادنجتون، فكرة استخدام لجان عسكرية لمحاكمة المشبوهين، وقد شعرا بأن تسليم المسؤولية لوزارة الدفاع يبعث بالإيحاء الصحيح، وهو أن القتال ضد الارهاب ليس مسألة تطبيق للقانون، بل هي حرب.
كما اعجبتهما حرية التصرف الواسعة التي يمكن ان تمنحها تلك اللجان للرئيس، لكي يعتقل ويستجوب ويعدم المتهمين بالطريقة التي يراها مناسبة، وخلافاً للمحاكم الأمريكية، تركز اللجان العسكرية السلطة كلها في يدي الفرع التنفيذي، ولكن هذا النظام، لم يكن يخلو من بعض النواقص . فاللجان العسكرية لم تستخدم في الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، والأمر الثاني احتمال احتياج البيت الأبيض إلى طلب تفويض من الكونجرس لإجازة النظام في حال مواجهته لتحديات قانونية.
سلطة اللجان العسكرية
واتضح فيما بعد أن تشيني ومجلس الحرب قد قطعا الطريق على مجموعة بروسبر، وأعدا سراً مسودة الأمر التنفيذي، ومذكرة من خمس وثلاثين صفحة، بتاريخ 6 اكتوبر/تشرين الأول، تعلن ان الرئيس يملك “سلطة أصيلة” كقائد أعلى لإقامة اللجان العسكرية، وبعد ذلك بأسبوع، قدم تشيني مسودة أمر اللجان العسكرية، الذي كتبه سراً حلفاؤه القانونيون، إلى الرئيس بوش أثناء عشائهم الأسبوعي الخاص في البيت الأبيض، وهكذا، وعلى حفل عشاء، تحول النص الذي كتبه ادنجتون إلى قانون.
ويعلن هذا الأمر الذي صدر في 13 نوفمبر/تشرين الثاني وجود حالة “طوارئ خارقة للمألوف” وهو يبيح للجيش اعتقال ومحاكمة أي أجنبي يعتبره الرئيس أو ممثلوه قد “شارك في” أو “حرض على” أو “تآمر لارتكاب” عمل ارهابي، وإذا أدين المدعى عليه فقد يحكم عليه بالإعدام، ولكن يكون أمامه اي سبيل إلى الاستئناف إلا إلى الرئيس أو وزير الدفاع، اللذين يمثلان في الوقت نفسه سلطات المحاكمة، ولا يمنح المتهم فرصة نظر الدعوى في المحاكم الاتحادية أو أي هيئة مستقلة أخرى، وقال الأمر ان المعتقلين سوف يعاملون معاملة “إنسانية” وسوف يحظون “بمحاكمات كاملة وعادلة”، وسوف يقدّم لهم “الطعام الكافي وماء الشرب والمأوى واللباس والعلاج الطبي”، وسوف يسمح لهم “بممارسة ديانتهم بحرية”، ومع ذلك، ذكر الأمر انه “لا يمكن تطبيق مبادئ القانون وقواعد الاثبات المرعية، عموماً في محاكمة الحالات الجنائية في محاكمات المقاطعات في الولايات المتحدة.
وفي ديسمبر/كانون الأول ،2001 وزعت وزارة الدفاع الأمريكية مذكرات داخلية، تقول إن المدعى عليهم، في نظام اللجان لن يكون لهم إلا حقوق محدودة لمواجهة من يتهمونهم، ورؤية جميع الأدلة المقدمة ضدهم، أو التواجد اثناء محاكمتهم، ولن يكون لهم حق الاحتفاظ بالصمت، كما ستقبل الأدلة المستقاة من الشائعات، وكذلك الأدلة المنتزعة بالقسر الجسدي، وقد نص الأمر على نحو ثابت أن الارهاب سوف يجري التعامل معه على أساس حربي، مما يمنح الرئيس سلطات قوية.
على خلفية هذه التغييرات القانونية تم احتجاز جون ووكر لينده في الولايات المتحدة في 1 ديسمبر/كانون الأول 2001.
وما ان سمع والدا لينده التقارير الاعلامية عن اعتقال ابنهما حتى وكّلا له المحامي البارز في سان فرانسيسكو جيمس بروسناهان . وفي 3 ديسمبر، اي بعد يومين من احتجاز لينده، بعث بروسناهان رسائل إلى آشكروفت، ورامسفيلد، وتينيت، وباول، يخبرهم فيها بأنه يمثّل لينده، وانه يريد مقابلته.
ولكن، على مدى الأيام الاربعة والخمسين التي ظل يلح فيها لينده على طلب التحدث إلى محامٍ، لم يسمح له بالحصول على استشارة قانونية.
سلسلة مقابلات
وفي هذه الاثناء كانت قد أجريت مع لينده سلسلة من المقابلات مع صحافيين ومحققين حكوميين في الأيام الاولى من اعتقاله، وهي التي وفرت عمليا أدلة لإدانته . وكان من الواضح انه لا يدرك مدى الخطر القانوني الذي يحيق به . أو انه - إذا كان يدرك ذلك - إلا أنه لا يشعر بأنه مجبر على الكلام.
وكانت شبكة سي .إن .إن أول منظمة اخبارية تقابله في مستشفى في افغانستان، كان قد نقل اليه بعد استسلامه، وكانت لا تزال في فخذه رصاصة، وفي جسده جراح ناجمة عن الشظايا، وكان يعاني من متاعب في الأمعاء نتيجة للمياه الملوثة التي ابتلعها حين كان مختبئاً في احدى القلاع في افغانستان، وكان لينده يبدو في مقابلة السي ان ان التي أجراها معه المراسل المستقل روبرت بلتون، منطرحا على الأرض بسبب جراحه الكثيرة . وقد عرض ضابط امريكي مازحا ان يطلق عليه النار فيقتله في الحال، ولكن نص الحوار في الفيلم المصور، الذي حصل عليه محاميه، يبين ان بلتون طلب من الضابط ألا يقتله ريثما يجري مقابلة تلفزيونية معه.
وقد طلب لينده من بلتون ألا يجري المقابلة معه، ولكن بلتون فعل رغم ذلك، حتى بعد أن أعطي لينده المورفين، الذي قال له عنه بلتون انه “عصير مفرح”.
وعندما غادره بلتون، كان في حوزته شريط المقابلة التلفزيونية الذي يقول فيه لينده، ان “قلبه قد تعلق بطالبان”، وان “هدف كل مسلم” هو بلوغ الشهادة . . التي يفهمها المشاهد الغربي على أنها عمليات إرهابية انتحارية.
وقد بثت مقابلة بلتون، التي صورت لينده على انه خائن ملتزم في أرجاء العالم كله . وفي غضون ايام أعلن رامسفيلد ان لينده “كان يقاتل الى جانب حركة القاعدة”.
وعلى مدى الاسابيع الثمانية التالية، ظل لينده محتجزا دون السماح له بالاتصال بأحد، خاضعا لتحقيقات واستجوابات الحكومة الامريكية، وبعد احتجازه لمدة اسبوعين في افغانستان، احتجز على ظهر سفينة برمائية هجومية في شمال بحر العرب.
وفي أواخر ديسمبر/كانون الاول، انضم اليه هناك ستة سجناء آخرين.
وعلى الرغم من ان لينده، لم يطلق أثناء “خدمته” في أفغانستان مع حركة القاعدة طلقة واحدة، ورغم أن الحركة لم تستفد منه إلا طبخ المعكرونة، الذي كان يجيده، ورغم انه كان يرى في اسامة بن لادن “شخصاً يبعث على الضجر” . وقد نام أثناء استماعه لمحاضرة له ذات مرة، رغم كل ذلك، كانت الصورة التي رسمتها له وزارة العدل الأمريكية، بوجه خاص، انه إرهابي متشدد، يعتنق معتقدات مناوئة لأمريكا، وانه قد حمل السلاح مع أناس يكرهون بلاده، وانه أسهم في قتل مايك سبان، ضابط وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية الشاب من جورجيا (وكان سبان قد قتل في افغانستان على أيدي سجناء عزّل أثناء انتفاضتهم على سبان وزميل آخر له، دون أن يشارك لينده في ذلك، كما تقول المؤلفة في مكان آخر، كما ان لينده، كان قد استنكر قتل سبان، في المقابلة التي أجرتها معه شبكة سي ان ان، ولكن هذا الجزء من المقابلة، حذف ولم يبث، إلا أن محامي لينده قد حصل على نسخة منها.
وفي 5 فبراير/شباط اعلن المدعي العام الامريكي آشكروفت شخصيا، خططاً لاتهام لينده ب “التآمر لقتل مواطنين أمريكيين”، وتسع تهم أخرى ذات علاقة بالإرهاب، يمكن أن يحكم بسببها بالسجن المؤبد ثلاث مرات، بالإضافة الى السجن تسعين سنة . وأشار آشكروفت الى أن حقوق لينده “قد روعيت بصورة دقيقة”، وانه قد قرئت عليه حقوقه عند اعتقاله وانه تنازل عن حقه في توكيل محام، قبل ان يقابله محققو مكتب التحقيقات الفيدرالي، وادعى اشكروفت ان لينده لم يكن لديه محام موكل عنه يومئذ، ولذلك فسوف تقبل الأقوال التي أدلى بها للمحققين.
ولكن الوثائق الحكومية تروي قصة مختلفة، كما تقول المؤلفة، ففي افغانستان، كان لينده قد طلب محاميا فور اعتقاله، وحسبما جاء في وثائق حكومية تم الإفراج عنها، بعث طبيب كان موجودا عند وصول لينده الى المستشفى يوم 1 ديسمبر/كانون الاول، برقية الى الولايات المتحدة، تقول ان لينده قد سأل: “متى أكون قادرا على التحدث مع محام؟”، ومع ذلك لم يتم اطلاع لينده على أن والديه قد وكلا عنه محاميا، حتى شهر يناير/كانون الثاني، وقد حاول والده اخباره بذلك في رسالة بعث بها اليه عن طريق الصليب الأحمر، ولكن المسؤولين الامريكيين منعوا تسليم الرسالة . كما حاول والده إبلاغه عبر وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، وعن طريق ممثليهم في الكونجرس، ولكنه كان “خلف جدار من الصمت”، كما يقول والده.
وفي هذه الاثناء، كان يجري احتجاز لينده في كثير من الاحيان معصوب العينين، عاريا، مثبتا على نقالة بأشرطة لاصقة، حسبما ورد في شهادة لطبيب في البحرية الامريكية، أميط اللثام عنها فيما بعد . وتنقل احدى الوثائق عن الطبيب قوله، ان المحقق العسكري مع لينده يعتقد انه يمكن استخدام “الحرمان من النوم، والبرد، والجوع”، مع لينده لحمله على الكلام . وعلى مدى ايام، كان يطعم لينده ما مقداره ألف سعر حراري في اليوم، وكان يترك مع البرد والحرمان من النوم في حاوية شحن فولاذية مظلمة كالقبر . وقد وصف الطبيب لينده بأنه “مشوش” و”يعاني قلة الغذاء”، وأضاف انه “يخشى عليه الانتحار”.
ومع ذلك، كان يجري استجوابه بصورة متكررة، وفي مرحلة سابقة كان محقق عسكري قد سأل عن الإجراءات التي تتعلق بانتزاع اعتراف من لينده، وتكشف وثيقة حكومية حصل عليها محامو لينده، ان الأوامر بهذا الخصوص جاءت من أعلى المناصب في وزارة الدفاع، فقد قال الاميرال الذي وجه اليه السؤال، أخبر المحقق ان وليام هاينز، المستشار العام في وزارة الدفاع قد خوله بأن “يخلع القفازات” وأن يسأل كل ما يشاء.
وفي 9 ديسمبر، شرع عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية معين في باكستان، هو كريستوفر رايمان، بانتزاع اعتراف من لينده، اصبح فيما بعد، أساس القضية ضده . وقد حدث ذلك في معسكر رينو، وهو قاعدة لمشاة البحرية الامريكية بالقرب من قندهار . وقد أخذ لينده، الذي كان لا يزال معصوب العينين، مكبل اليدين، من الحاوية الفولاذية الى خيمة مجاورة، ولم يقل رايمان في اي وقت للينده ان اسرته قد استأجرت له محاميا . وفي هذه الظروف، وهو مكبل اليدين، وقّع لينده على تنازل عن حقه في توكيل محام، وكان يظن ان ذلك هو السبيل الوحيد الى خروجه من الصندوق الفولاذي.
وتمضي المؤلفة في رواية تفاصيل قضية لينده، التي تزخر بانتهاكات القوانين الامريكية ذاتها، ناهيك عن القانون الدولي، كما انها تكشف التخبط الذي تعاملت به إدارة بوش مع مثل هذه القضايا.
وتقول المؤلفة انه في يوليو/تموز ،2002 بعد سنة ونصف السنة من إدانة لينده، وقبل يومين من الموعد الذي خطط فيه محامو لينده تحدي شرعية الاعتراف الذي أدلى به لينده لمحققي مكتب التحقيقات الفيدرالي، وإثبات انه قد انتزع بالإكراه، عرض المدعون العامون عليهم صفقة مفاجئة، وقد تمت تسوية القضية، وأسقطت تسع من التهم العشر الموجهة الى لينده، واعترف لينده بذنبه في تهمة واحدة فقط، غير مرتبطة بموضوع الارهاب، وهي انتهاك أمر تنفيذي لسنة ،1999 يحظر على المواطنين الامريكيين تقديم “خدمات” لحركة طالبان.
يتبـــــــع>>>>>
[/align][/frame]
[frame="13 95"][align=justify]
كتاب المثُل الأمريكية / الجانب المظلم.. الحلقة الرابعة
تلقي مؤلفة الكتاب نظرة تقويمية على واقع الولايات المتحدة بعد سبع سنوات من هجمات حركة القاعدة عليها . وتقول ان ما بدأ في 11 سبتمبر/ أيلول 2001 كمعركة من أجل أمن أمريكا، بات الآن معركة من أجل الحفاظ على روح هذه الدولة.
وحين يلقي المرء نظرة الى الوراء، كما تقول، يرى ان احدى أهم سمات هذا الصراع، ان إدارة بوش، منذ البداية، وعند كل منعطف على الطريق، كانت تتلقى تحذيرات من ان المنافع القصيرة الأمد، التي تجنيها من نهجها المتجاوز للقانون في حربها على الإرهاب، ستكون لها عواقب وخيمة ومدمرة على حكم القانون في البلاد، وعلى المصالح الأمريكية في العالم . ولم تكن هذه التحذيرات تصدر عن الخصوم السياسيين وحسب، بل ومن حلفاء لديهم خبرة واسعة، ومن بينهم جهاز الاستخبارات البريطاني، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، بل حتى من سلسلة من رجال القانون الجمهوريين الموالين داخل الإدارة الأمريكية ذاتها.
وتقول المؤلفة ان عدد المنتقدين من الغيورين على المصلحة الوطنية داخل الإدارة، الذين حاولوا اعتراض سبيل ما اعتبروه ابتعاداً عن المثل الأمريكية، ودفعوا في بعض الأحيان ثمناً باهظاً لموقفهم من مهنهم ومناصبهم، هو عدد متواضع، ولكنه مطمئن في الوقت ذاته.
ولكن إدارة بوش، بدلاً من الاعتناء بهذه الانتقادات النابعة من الغيرة الوطنية، استغلت الخوف الذي نجم عن الهجمات في 11 سبتمبر/ أيلول وشرعت في تطبيق سياسة من القسوة المدروسة التي لم تكن تخطر ببال أحد يوم 10 سبتمبر/ أيلول.
وقد سعى الرئيس بوش ونائبه تشيني وحفنة ضئيلة من المستشارين الثقات لديهم الى الحصول على فتاوى قانونية ملتبسة تمكنهم من الالتفاف على القوانين والتقاليد الأمريكية، والتحايل عليها . وباسم حماية الأمن القومي، أباح الفرع التنفيذي الحصول على الاعترافات قسراً، والاحتجاز من وراء ظهر القانون، وغير ذلك من انتهاكات الحريات الفردية، التي ظلت محظورة منذ تأسيس الدولة.
وقد حوّل مكتب الاستشارة القانونية في وزارة العدل الأمريكية الى أداة سياسية، استغلها في توسيع سلطته التنفيذية على حساب معايير الضبط والربط والمحاسبة القائمة منذ زمن طويل . وعندما تم تحذيره من ان هذه السياسات غير شرعية وانها تأتي بنتائج عكسية، تجاهل تحذيرات الخبراء وراح يتخذ القرارات خارج القنوات البيروقراطية العادية، وفي كثير من الأحيان، بعيداً عن أنظار الجماهير . وبدلاً من المجازفة باحتمال معارضة الكونجرس، أصبح يحظر نشر تفسيرات القانون الحيوية ويعتبرها سرية للغاية.
وتضيف المؤلفة أنه لا يعلم أحد الى اليوم كم عدد الآراء السرية الأخرى التي حصلت عليها وزارة عدل بوش . وبدلاً من تحقيق هذه السياسة مع الزمن، كان الفرع التنفيذي يهمش ويغرم من يتحدى آراءه الثابتة . ولأن موضوع البحث كان مغلفاً بحجج الأمن القومي، ظل معظم الاحتجاج الداخلي خفياً.
اعترافات المسؤولين
وأثناء هذه الفترة كلها، ظل الرئيس بوش ونائبه تشيني يصران على أنهما لم يبيحا “التعذيب” أبداً ولم يتسامحا بشأنه، ويعترفان بأنه يشكل جريمة بموجب القانون الأمريكي . ولكن فهمهما لهذا المصطلح أخذ يبدو زائفاً بصورة مطردة، مع تكشف تفاصيل برنامج الاعتقال والتحقيق السري شيئاً فشيئاً . وبحلول السنة الأخيرة من ولاية بوش، اعترف العديد من كبار المسؤولين في إدارة بوش، ومن بينهم مدير الاستخبارات القومية مايك ماكونيل، ووزير الأمن الوطني السابق، توم ريدج، بالاضافة الى ضابط وكالة الاستخبارات المركزية الذي ألقى القبض على “أبو زبيدة”، جون كيرياكو، بأن ايهام السجين بالغرق يعتبر تعذيباً.
وتقول المؤلفة ان مثل هذه الاجراءات المتطرفة، ربما كانت مفهومة في الأيام والأسابيع التي سادها الذعر بعد 11 سبتمبر/ أيلول، حيث يمكن وضعها ضمن الانتهاكات التاريخية الأخرى للحريات المدنية، التي تحدث أحياناً في أوقات الأزمات الكالحة التي قد يتعرض لها الأمن القومي . ومع ذلك، وبعد سبع سنوات، ظلت سياسات مواجهة الإرهاب، التي وضعتها إدارة بوش جامدة في مكانها . وقد حدثت بعض التغييرات والتحسينات، ولكن الاطار القانوني باقٍ على حاله، رغم اجماع أعضاء كلا الحزبين خارج إدارة بوش، على ان معتقل جوانتانامو يجب إغلاقه، وان عملية اللجنة العسكرية معيبة بصورة مطلقة، وان انتهاكات حقوق الإنسان في سجن أبو غريب وغيره، لم تكن من فعل “تفاحات متعفنة” في قعر الصندوق، بل هي نتيجة عدم الاحساس بالمسؤولية في قمة السلطة . كما ان التعذيب الذي كان يدان قبل 11 سبتمبر، باعتباره من مخلفات الثقافات البدائية، صار يخشى ان يصبح أمراً طبيعياً عادياً.
وتستغرب المؤلفة، انه لم يجر في الولايات المتحدة الا قدر ضئيل من الجدل الفكري بشأن أسلوب إدارة بوش في التعامل مع الإرهاب، رغم مرور أربع دورات من انتخابات الكونجرس، ودورتين من الانتخابات الرئاسية . وان كبار المسؤولين في الادارة الأمريكية يستمرون في الاصرار على ان برنامجهم قانوني وناجح، وبينما يمضي المنتقدون في التذمر، فإنهم نادراً ما يقدمون مقترحات خاصة بهم لنظام أفضل.
ومنذ ان سيطر الحزب الديمقراطي على الكونجرس سنة ،2006 جرى بعض التحرك نحو التحقيق والاصلاح . ولكن، في يوليو/ تموز ،2007 هزم مشروع قانون لإغلاق معتقل جوانتانامو عندما صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية كاسحة (94 إلى 3) ضد نقل المحتجزين الى سجون في الولايات المتحدة . ومن الواضح ان الخوف من الظهور بمظهر “اللين” مع الإرهاب لا يزال مسيطرا على المسؤولين المنتخبين.
نقطة تحول
والمؤلفة متفائلة بانتخابات 2008 الرئاسية، التي تقول انها قد تكون نقطة تحول . ففي إشارة تبعث الأمل في التغيير، اتخذ مرشحا كلا الحزبين للرئاسة، مواقف مبدئية قوية ضد التعذيب، كما تقول المؤلفة، ووعدا بسد الثغرات التي تبيحه سراً، وإعادة سياسة الاحتجاز والتحقيق في البلاد الى حالتها السابقة، يوم كانت منسجمة مع القيم الدستورية الاصلية . ومع ذلك، فإن أياً من المرشحين، لم يقدم بديلاً متماسكاً حتى مايو/ ايار 2008 . ويظل “النموذج الجديد” الذي وضعته إدارة بوش من دون أن يمس، سامحاً لها بأن تستحوذ على جميع السلطات التي تنبثق عن الحرب، من دون ان تمنح المحتجزين شيئاً من الحقوق التي يمنحهم إياها نظام القضاء العسكري أو الجنائي.
وتقول المؤلفة ان معارضة السيناتور جون ماكين للتعذيب لا تقل عمقاً عن معارضة اي سياسي في أمريكا . وقد عبّر ببلاغة، كما تقول، عن جوهر القضية، ضمن تصريح بسيط سنة 2005 قال فيه “الأمر لا يتعلق بهم، بل يتعلق بنا” . ومع ذلك، وفي إيماءة موجهة الى قاعدة المحافظين في حزبه، تحرك نحو اليمين، منحازاً الى البيت الأبيض بزعامة بوش، في أوائل سنة 2008 ضد تشريع مقترح، كان من شأنه ان يلزم ضباط وكالة الاستخبارات المركزية باتباع تقنيات التحقيق الانسانية التي يسمح بها الجيش.
غياب الشفافية
وتقول المؤلفة، إن سبب الحذر السياسي الواضح هو الخوف . فإدارة بوش، وبالاستناد الى المعيار الأهم، تستطيع ان تعتبر سجلها في محاربة الإرهاب ناجحاً، إذ لم تحدث اي هجمات ارهابية أخرى منذ 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
ولا يريد أي منافس ان يتهم بأنه قد خرق هذا النجاح الباهر . غير انه يصعب على المرء ان يعرف، ان كان نجاح ادارة بوش، يمثل التغلب على مخاطر جديدة مؤكدة، أم عدم وجود هذه المخاطر اصلاً . وكان وزير الدفاع السابق، دونالد رامسفيلد، قد اعترف بهذه المفارقة سنة ،2003 حين قال: “اننا اليوم نفتقر الى المعايير التي يمكن في ضوئها ان نعرف، ما اذا كنا نحقق انتصاراً أم نتكبد هزيمة في حربنا على الإرهاب”.
وفي ظل إدارة بوش، باتت معرفة ذلك مستحيلة تقريباً، كما تقول المؤلفة . ففي غياب الشفافية الحكومية والتحليل المستقل، يطلب من الجماهير ان تؤمن ايماناً أعمى بقول الرئيس ان المعاملة غير الإنسانية ضرورية لوقف الهجمات وإنقاذ الأرواح.
ولكن المطلعين على بواطن برنامج مكافحة الإرهاب الذي تسير عليه إدارة بوش بدأوا يشكون في هذه الادعاءات.
ففي مارس/ آذار ،2008 وبعد ان أعلن الرئيس بوش أنه سوف يستخدم الفيتو ضد التشريع الذي يفرض على وكالة الاستخبارات المركزية الالتزام بمبادئ التحقيق المتبعة في الجيش، تحدى السيناتور جاي روكفلر، رئيس لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ، الأساس المنطقي كله، الذي تستند اليه إدارة بوش . وكانت انتقادات روكفلر تكبت عبر السنين، ولذلك، كان التقريع الذي وجهه جديرا بالملاحظة بوجه خاص . وجاء في بيان أصدره “باعتباري رئيساً للجنة استخبارات مجلس الشيوخ، لم اسمع اي شيء يوحي بأن المعلومات التي تم الحصول عليها عن طريق مقتنيات التحقيق المشددة، قد منعت وقوع هجوم إرهابي وشيك . ولم اسمع شيئاً يجعلني أعتقد بأن المعلومات التي تم الحصول عليها باستخدام هذه التقنيات، لم يكن ممكناً الحصول عليها من خلال اساليب التحقيق التقليدية، التي يستخدمها المحققون في الجيش وفي أجهزة تطبيق القانون . ومن جانب آخر، أعلم يقيناً ان أساليب التحقيق القسرية يمكن ان تجعل المحتجزين يدلون بمعلومات كاذبة من اجل ان يجعلوا التحقيق يتوقف”.
ومعنى ذلك، كما تقول المؤلفة، نقلاً عن أحد المسؤولين القلائل في الإدارة الأمريكية، الذين يملكون اطلاعاً تاماً على التفاصيل، ان خطر “القنبلة الموقوتة التي توشك أن تنفجر”، الذي يستخدم لتبرير التكتيكات التي يعتبرها الأمريكيون مما يتعذر الدفاع عنه في غير هذه الحالة، لم يحدث فعلاً ابداً الا على شاشات أجهزة التلفاز لدى مشاهدي العرض الخيالي عن الإرهاب، الذي تقدمه شبكة فوكس تي في.
أسلوب بوش يقوض الأمن
وتستشهد المؤلفة بتوكيد روكفلر ان أسلوب إدارة بوش لم يكن غير ضروري وحسب، بل انه ايضاً يقوّض الأمن الذي يدعي انه يحميه . . “إن برنامج وكالة الاستخبارات المركزية يلحق الضرر بأمننا القومي، بإضعاف سلطتنا القانونية والأخلاقية، وبتوفير أداة في يد حركة القاعدة وغيرها من الجماعات الإرهابية، لجمع المتطوعين وتعبئتهم، وبالاستمرار في برنامج التحقيق هذا، يضحي الرئيس بالفوائد الاستراتيجية التي نجنيها في سبيل كسب تكتيكي مشكوك فيه”.
وتقول جين ماير، مؤلفة الكتاب، ان الشك بدأ يظهر من داخل الإدارة الأمريكية ذاتها أيضاً . ففي سنة ،2006 أعدت مجموعة استشارية علمية لمصلحة الوكالات الاستخبارية الأمريكية، تقريراً مفصلاً عن التحقيق، بعنوان “استنباط المعلومات”، توصلت فيه الى أنه لا يوجد دليل علمي من اي نوع، على ان الأساليب القاسية تنجح . بل ان العديد من الخبراء الذين شاركوا في اعداد الدراسة، وصفوا استخدام القسوة الجسدية والنفسية، بأنه باطل وغير بارع ولا يعول عليه.
وفي مقابلات خصوصية أجرتها المؤلفة مع العديد ممن يملكون معلومات موثوقة عن برنامج مراقبة الارهاب المثير للجدل، الذي تنفذه وكالة الأمن القومي، عبّر هؤلاء عن ضيق مماثل . ويقول احد هؤلاء المسؤولين السابقين عن البرنامج الفائق السرية الذي يدافع عنه دافيد ادنجتون (مستشار تشيني القانوني) بحماسة شديدة، “انه لم يُسفر عن شيء”.
وبينما تستطيع إدارة بوش ان تتباهى بسجلها الخالي من الهجمات الارهابية على امريكا منذ ،2001 فإن تقدمها في جلب منفذي الهجمات الى العدالة اقل إثارة للإعجاب . وعلى الرغم من انها قد نجحت في القبض على بعض الأعضاء في حركة القاعدة، الا ان أسامة بن لادن وأيمن الظواهري لا يزالان حرين طليقين . وفي هذه الأثناء، أظهرت احصاءات الحكومة ذاتها ان عدد الهجمات الارهابية وتقديرات الخطر الذي تشكله حركة القاعدة آخذة بالازدياد . وحسبما جاء في احدث تقديرات الاستخبارات القومية، التي نشرت سنة ،2006 “تشير كمية ضخمة من التقارير التي تستند الى جميع المصادر، الى ان الناشطين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم جهاديون، يزدادون بالعدد وبالتوزيع الجغرافي، رغم انهم لا يزالون يشكلون نسبة صغيرة من المسلمين”.
ولفت التقرير الأنظار الى “ان هذه النزعة اذا استمرت، فإن الأخطار التي تهدد المصالح الأمريكية في الداخل وفي الخارج، سوف تصبح أكثر تنوعاً، وسوف تؤدي الى ازدياد الهجمات في أرجاء العالم”.
وقد أسهمت الحرب في العراق، والصراع “الاسرائيلي” الفلسطيني، وانهيار الأوضاع الأمنية في أفغانستان وباكستان، في نشر الراديكالية في العالم الإسلامي، كما تقول المؤلفة.
ويشير العديد من التقديرات، في نهاية عهد بوش، الى ان سمعة الولايات المتحدة، كدولة رائدة في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، أصبحت بالية . وكما جاء في مشروع دراسة المواقف في العالم، التي أعدها مركز “بو”، في يونيو/ حزيران ،2006 أيد الرأي العام حرب أمريكا على الإرهاب، في دولتين، هما الهند وروسيا . وحتى أوثق حلفاء أمريكا الذين يمكن الاعتماد عليهم، ومنهم ألمانيا والدنمارك والاتحاد الأوروبي، اتهموا الولايات المتحدة سنة 2008 بانتهاك المعايير المقبولة دولياً في المعاملة الانسانية، والحقوق الشرعية . وبلغ الأمر بكندا ان وضعت الولايات المتحدة على قائمتها الرسمية التي تضم الدول المارقة التي تمارس التعذيب.
[/align][/frame]