الرواية العربية خارج المسار
[align=justify]
ماذا تبقى من الرواية العربية التي تعودنا على قراءتها مع نجيب محفوظ وغيره من روائيينا الذين أمتعونا برواية متماسكة مترابطة ذات شخصيات حاضرة بكل قوة إلى جانب بيئة نكاد نشم رائحة كل شيء فيها .. ؟؟.. هل انتهى كل هذا إلى غير رجعة ليصبح هذا النمط من الروايات نمطا أكل الزمان عليه وشرب أمام هجمة الرواية الجديدة التي تنسف كل المتعارف عليه لتقدم لنا رواية لا تلتقي بأي جزء من جزئياتها مع هذا الذي عشناه وتعودناه وصار جزءا من ثقافتنا ؟؟..
الدكتور شكري الماضي يرى في كتابه " أنماط الرواية العربية الجديدة " الصادر حديثا عن دار المعرفة أنّ الرواية التقليدية ، ثم الرواية الحديثة ، قد صارا من الماضي الذي شكل بدايات الرواية العربية وشيئا من تطورها في سنوات مضت..أما الآن فقد حلت الرواية الجديدة التي ألغت كل ما له علاقة بصيرورة الرواية التقليدية والحديثة لتكون رواية تجسد رؤية لا يقينية للعالم .. وكما يقول د.الماضي فالرواية الجديدة :" تعبير فني عن حدة الأزمات المصيرية التي تواجه الإنسان ، فالذات المبدعة تحس غموضا يعتري حركة الواقع ومجراها ، كما تشعر بأن الذات الإنسانية مهددة بالذوبان والتلاشي " من هنا الحاجة إلى " فعل إبداعي يعيد النظر في كل شيء "..
ماذا يعني كل هذا وكيف نعايش رواية تتشظى وتبتعد عن الشخصية وعن حركة الزمن وعن البطولة وعن الثبات والترابط والتسلسل الدرامي ووجود حكاية داخل النص ؟؟.. ماذا نفعل حين تكون الرواية قطعا متناثرة نبحث عن تعاضدها وتلاقيها فلا نجد أي خيط ظاهر يقول لنا كيف تطورت الأحداث وإلى أين وصلت ؟؟.. لكن هل هناك أحداث حتى نقول بتطورها ؟؟.. الأحداث بالمعنى الحرفي القابل للنمو غير موجودة إذ لا لزوم لها في عالم متفكك غير مترابط !!..هناك قطع من هنا وهناك قد يجمع بينها خيط خفي لكنه بالتأكيد ليس ذلك الخيط الذي نعرفه في الروايات التقليدية أو الحديثة .. لماذا كل هذا التبعثر وما معناه ؟؟..
السؤال يحيل إلى سؤال مناقض تماما ..لماذا الترابط والتلاقي والمنطق في تسلسل الأحداث في عالم ليس فيه أي منطق أو تسلسل ، إننا نخدع أنفسنا ونخدع القارئ حين نضعه أمام بناء كامل كل شيء فيه منسق واضح وبين ومنظور بسهولة .. على القارئ أن يدخل عالم الرواية مسلحا بتوقع الدخول في متاهة لها أول وليس لها آخر، وهذا يدفعه إلى القراءة أكثر من مرة ليجد شيئا من مغزى يمكن أن يخرج به في هذه الحال أو تلك لكنه ليس المغزى الذي يتوقع أو يريد ..الرواية في مسيرتها المفككة أغلب الأحيان تعبر عن صورة واقع ممزق وكينونة بشرية تعيش ضغوطها المتوالية ..
الشخصيات في مثل هذه الرواية الجديدة غير موجودة بمعنى البطولة أو الشخصيات حتى !!.. ليس هناك شخصيات تعلق في الذهن لأنها شخصيات متشظية كما حال الرواية ولا نستغرب ألا نجد شخصيات على الإطلاق ، قد يغلب التشييء على كل شيء حتى الإنسان .. وحين نبحث نخرج بكثير من المعاني ربما ..لكن إن أردنا تلخيص الرواية فلا مجال لذلك لأن القصة مفقودة ، الحكاية غائبة ، الفكرة الواحدة أو المتنوعة لا مكان لها ..من الأجزاء يصعب تجميع تلخيص يصل بنا إلى نتيجة..والأغرب أنك تستطيع في بعض الروايات حذف مقاطع كاملة دون أن تؤثر على الرواية .. وقد تغير أماكن المقاطع بكل بساطة ويبقى كل شيء على حاله .. ماذا تعني رواية كهذه إن كانت هي الرواية الجديدة التي وصل إليها فن الرواية العربية ؟؟.. الجواب شائك ..لكن أصحاب هذا الاتجاه يقولون إنه التطور الذي استدعته أحوال المجتمع العربي ..فأين نقف من كل ذلك ؟؟!!..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|