شال الغريبة
[align=justify]
في قصة "ضوء ساطع" نقرأ :" القمة كالسيدة النبيلة عندما تعشق ، تذيق مريديها اللوعة ، وعند التداني تبحث عن لوعة غير مسبوقة " .. وكأنّ الشعر يطرق باب الحالة لنكون مع هذا الإنسان المشهور ذائع الصيت في غربته الداخلية رغم كل الانتشار والذيوع وظن الناس أنه يعيش الحياة التي يحلم بها كل إنسان .. تقول القصة ببساطة وكثير من جمالية الدخول في تلافيف الذاكرة المبدعة قصة إنسان تدهسه عربات الألم في حرقة البحث عن لحظة هدوء يعيشها كما يريد ..
هي واحدة من قصص مجموعة " شال الغريبة " للقاصة عليا عبد الرحمن حباب والتي صدرت حديثا عن دار الجندي للنشر والتوزيع ، لتضم ثلاث عشرة قصة ، والتظهير للأديب إسماعيل مروة ومن كلمته أنك واجد في هذه المجموعة بصمة أدبية قادمة تدل " على شعور متميز روحا وكتابة إن وافقته أو خالفته لا تملك أمامه إلا أن تشيح عن الثرثرة وتقول : أهلا في عالم شفاف نسيجه الكلمة وإطاره الصورة المؤثرة " ..
القاصة عليا حباب في هذه المجموعة تؤجج كلّ أطر الفن لتعطي روحا نابضة بالحياة والحيوية من خلال فتح المساحة السردية على العالم بوسعه.. فالموضوعات متعددة ذات ألوان كثيرة ، والشخصيات متنوعة في حضورها وحركتها وفعلها الحياتي ، والفن عال بكل نواحيه أسلوبا وتركيبا وبناء واشتغالا على الجملة والمفردة .. وصولا إلى القول إنّ القاصة عليا حباب تترك في " شال الغريبة " بصمة تفتح الباب واسعا أمام قاصة تعرف كيف تضع خطوتها بثقة في عالم القصة القصيرة ..
أربع قصص هي " شال الغريبة " .. " أم الورود " .. أعمى بثلاث عيون " و" المشهد " تضعنا أمام الموضوعة الفلسطينية من خلال معايشة الحدث واليوميات والتطلع والنضال وكل ما يتعلق بفلسطين .. ونموذج " شال الغريبة " معبـّر ودقيق في تناول الموضوع ، حيث ناديا بطلة القصة، تعيش في أمريكا بعيدة عن أهلها الفلسطينيين، وهناك تسكنها الأفكار التي يصدرها الإعلام الصهيوني ، وحين تعي وتتعرف على أصولها وجذورها من خلال عمتها وزيارتها لأهلها في مخيم فلسطين بسورية ، تترك كل ما وصلت إليه في أمريكا وتعود إلى ذويها وحقيقة ما يجري .. وجملة الختام في خطابها لعمتها :" دلال حبيبتي انتظري أنا قادمة " تحمل دلالة العودة لكل شيء ، والأهم للحقيقة وعشق الوطن الجريح أولا ..
تتوزع بقية القصص مواضيع عدة كما أسلفت حيث " أنثى العنكبوت "- وليتها اكتفت بعنوان " العنكبوت " لأنها تقال للمذكر والمؤنث ويغلب عليها التأنيث- نجد الفتاة التي تقسو على أمها بعد أن جعلتها تسير في طريق مظلم .. بينما في " الخادم " صورة الفتاة التي تخدم في بيت أحد الأغنياء والذي تجد فيه تناقضات كثيرة ، وظلما من الزوجة لزوجها، متمنية لو أنها مكان سيدة البيت في خيال أو تطلع لجعل الأمور بشكلها الصحيح حسب تصورها .. وإذا كانت قصة "1+1=2.. واحد+ واحدة = ؟" تحكي قصة الحركة الغريبة لحب يصب حيث لا مكان له ، فالفتاة تحب الشاب الذي لا يحبها ، والشاب يحب الفتاة التي تلهو به ، فإن " أشرقت " و" الفنجان المقلوب " تحملان موضوعين مؤثرين حيث أشرقت تأخذ مقابل تمسكها بمبادئها ، بينما البطل في "الفنجان المقلوب " يعاني حسرة ابتعاده عن أمه التي ماتت وهو بعيد وكانت ذاكرتها مفتوحة على عالمه من خلال فنجان القهوة الذي كانت تصبه له مع قهوتها كل يوم .. وتتعدد الصور في " النفق " .. " فرصة زيتية " والنسر" لنكون أمام مجموعة قصصية غنية للقاصة عليا حباب .. مجموعة تعد بالكثير من خلال قدرة مبدعة على التعامل مع السرد بجمال وشفافية وعطاء ثر ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|