عدنان عمامة يشعل الرحيل
[align=justify]
كان مفاجئاً، وكل شيء في أيامنا صار مفاجئاً، أن يرحل الروائي والأديب الصديق عدنان عمامة.. ربما تصورت أنني شاهدته منذ أيام، وربما تصورت أيضاً أنني التقيته البارحة.. رحل الرجل هكذا بصمت يوم الخميس في صباح الجمعة 30/5/2003 إثر معاناة مع اختلاطات مرضية.. أخبرني ابنه طارق أنه عانى ما عانى من المرض.. وأخبرني أصدقاء كثر أن الرجل رحل بما يشبه الصمت.. وظننت أن مثواه الأخير في مقبرة اليرموك الجديدة، كان أيضاً يشبه الصمت.. لكن عدنان عمامة لم يكن من هؤلاء الذين يحبون الصمت!!..
عرفت عدنان عمامة منذ سنوات قد تكون أطول من طويلة.. فهذا المولود في طبرية عام 1945، كان يؤثر أن يتحدث عن مدينته بإسهاب وحب.. وكانت أعماله الروائية "الخزعندار" و"الحومة" و"الولد سلمان" إضافة إلى ديوانه اليتيم "السجن 65" مشغولة إلى حد ما بطبرية والغربة والتمزق والكثير من المعاناة.. ولا أدري إن كان المسلسل الذي كتبه "عائلة أكابر" وعرض على شاشات التلفزة معبراً عن هم حياتي أكثر من أي شيء آخر.. مرات حاورته.. ونشرت بعض حواراتي معه في الصحافة.. لكن الأيام الأخيرة جعلتني أعرف إنساناً آخر غير الذي كنت أعرفه يوم كتبت عن رواياته وعنه.. كان مسكوناً بحزن شفيف ثقيل.. كنت ألمح في عينيه أسئلة وقلقاً وصوراً كثيرة من صور البحث عن أشياء ضائعة.. سألت كلاً من قصي وطارق ولديه عن آخر ما كتب، فأخبراني عن رواية باسم "القلعة" وقالا إنها في لبنان.. ولا شيء آخر.. فماذا تقول "القلعة" وعن أي شيء تتحدث؟؟... ولماذا هذا الاسم؟؟.. حقاً لا أدري.. حتى تلك المسلسلات الكثيرة التي أخبرني أنه يكتبها لا أعرف عنها أي شيء.. فالرجل رحل بصمت.. وطوى أكثر أوراقه بصمت..
لا أدري لماذا تصر الآن صورتان على الحضور معاً واحدة للشاعر فواز عيد والثانية للروائي عدنان عمامة.. هل هو الصمت الغريب في الرحيل المر الثقيل؟؟.. هل هو الحزن الذي سكن كل واحد منهما في أيامهما الأخيرة؟؟... هل تلك الكلمات التي قالها كل واحد منهما عن الوطن وكانت تشبه اللغز المحير.. الموت ثقيل.. والحزن ثقيل.. وتلك هي الأيام، يرحل الأصدقاء بصمت.. ونجلس إلى أوراقنا بصمت لنكتب عنهم كلمات الوداع الأخير..
الأسبوع الأدبي العدد 881 تاريخ 1/11/2003
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|