[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://images2.layoutsparks.com/1/185984/vintage-floral-smoking-lady.jpg.gif');background-color:burlywood;border:4px double burlywood;"][cell="filter:;"][align=justify]
في الطريق إليها سرت .. وجهي مزروع في فيء حلم .. عيناي لا تريان غير ضوء عشقها ..أسأل أمي عن البيت في حيفا .. تحكي عن عمر من الورد المندى بصباح الخير .. كانت تعيش مع الجد والجدة والأخوال في أجمل منطقة عرفتها الدنيا .. تمدّ يدها لتضغط قليلا على الجبين وتقول: كأنني ما زلت هناك .. كل الخطوات التي مشيتها في دروب حيفا مازالت في دروب الذاكرة .. كان الكرمل جارنا الذي لا ينام.. يشعل مساء صباح ندهة وجده لكل فلسطينيّ ويؤسس في القلوب مملكة حب لا تهدم مهما مرّ من زمن .. الشوارع هناك تملك هويتها التي تجدها في خطوات كل واحد منا .. الدوالي التي تختصر الممرات تكاد تنطق في قلب كل واحد منا.. من يعشق فلسطين يعرف السرّ في أنّ مطر العشق الفلسطيني لا يمكن أن يكون خارج مدار القلب لأنه في تركيبته وشكله ومضمونه مجرد قلب ينبض .. فتصور حين يكون القلب نابضا داخل قلب ؟؟..
نمتص وجه المدينة وننهض كي نكتب سطور حبنا .. المدن لا تكون مدنا إلا إن حملت ملامح ناسها.. كل مدينة مسكونة بأهلها .. مشغولة بلون بشرتهم .. منطوية على أسرارهم..جميلة بهم .. كل المدن لا تمضي خارج خيط حبها الذي يعنون بأهلها..في حيفا .. في صفد .. في القدس.. في كلّ مدينة من مدن فلسطين خصوصية تفهمها المدينة ويفهمها أهلها.. هذه الخصوصية لا تذيع سرها لأحد ، لا تبوح بمكنونات سحرها لأحد .. وحدهم أهل المدينة، يتوارثون السر جيلا بعد جيل .. يحملونه كما يحملون ملامحهم وكريات دمهم .. قد يبتعدون .. يرحلون بعيدا .. تأخذهم خطواتهم إلى البعيد .. لكنهم لا يتخلون عن كل هذه الخصوصيات التي ورثوها عن مدينتهم وحملوها معهم وورثوها وإن في البعاد لأولادهم وأولاد أولادهم .. سرّ المدن عجيب محبب .. وسر البلاد بصمة غير مكررة..لذلك يكون العشق عشقا استثنائيا في كلّ بلد ومع كلّ بلد ..
هل يستطيع العاشق أن يبقى بعيدا عن معشوقته؟؟.. هنا المعضلة.. إذ من غير الممكن لأي عاشق أن يبقى في بعاد دائم عن محبوبته.. قد يغيب لسنوات وسنوات ، لكنه في النهاية يحط الرحال عندها موقنا أنّ كل ما ذهب مجرد وهم وأن الحقيقة الوحيدة موجودة في البلد الحبيب .. كل ما مضى من أيام لا يعني شيئا ..وقت ضائع من مفكرة العمر.. ورق أصفر ساقط من أغصان الوجد .. في دروب البلد كل المعنى الحقيقي لأي حب .. الغربة نكتبها بحبر من شوق، وحبر الشوق ينمو على الأصابع ليشكل دربا أو سهما يأخذنا إلى الوطن .. وفي البلاد نكتب حضورنا بحبر الحقيقة، حبر الأمل والتواؤم مع الذات..حبر الضلوع التي تشعر بدفء وحنان وجمال واكتمال .. كل ما يذيعه البلد فينا تسمعه الكريات مرخية العنان لراحة البال والاطمئنان والانشغال بحب حقيقي لا يماثله أي حب .. في البلد أوراقنا التي نكتبها تشكل الحقيقة التي نبتغيها ونريدها ونسعى إليها ..
مطر العشق الفلسطينيّ مطر الروح وسفر الحب الذي نردده بيننا فينمو معرشا فوق كل دار وفي كل دار .. هو مطر ذاتنا الحقيقية الرائعة حين تقف على وتر الأغنية مرددة أن لا شيء أجمل من غفوة في حضن بيت هو بيت مزروع في الوطن ومتجذر في تربة الوطن .. لا يكون العشق عشقا ، في موال الحب الفلسطينيّ ، إلا حين نمرغ الجبهة بتراب فلسطين حتى تصعد رائحة التراب لتكون كريات دمنا ..
طلعت سقيرق
[/align][/cell][/table1][/align]