الأدب والأدب النسائي
[align=justify]
بعيداً عن الاتفاق أو الاختلاف حول مصطلح «الأدب النسائي» الذي أعتبره توصيفاً وليس تجنيساً، أريد التحدث هنا عن ظاهرة هامة نلاحظها راهناً في الأدب العربي، تتمثل في التفات الأنثى إلى كتابة الأدب بكل أجناسه بشكل لافت إن من حيث العدد أو الكم.. وإذا أردنا الدقة نقول إن السنوات الأخيرة حفلت واحتفت بوصول الإبداع الأنثوي إلى مستوى استطاع أن يضع بصمته وأثره وامتداده.. فما عادت الأنثى مكتفية بالقليل الذي يظهر بين الحين والحين، بل أخذت تطرح إبداعها بقوة واستمرار، مما أعطاها الحق الطبيعي في أن تكون متواجدة إلى جانب الرجل تماماً في هذا المجال، بعد أن كانت بعيدة عنه، حيث كان الرجل يغطي المساحة الأكبر من مساحة الإبداع، حتى في الحديث عن هموم المرأة وقضاياها.. ويأتي السؤال هنا: هل هي مجرد ظاهرة مؤقتة، أم أنها تنتقل لتكون واقعاً ثابتاً..؟؟..
ماظهر حتى الآن، من أدب وإبداع بشكل عام، لايمكن أن يكون ذا أرض رجراجة متحركة لزجة.. إذ وضعت الأنثى ثقلها الإبداعي الجيد بتواتر، ليكون هذا الإبداع ذا خصوصية ثابتة.. ومن يراقب المعطى الأدبي والثقافي، يلاحظ أن الكم والكيف يترافقان ويتواءمان بشكل جميل لافت. ولم تعد المرأة بحاجة إلى إثبات حضورها وتواجدها على الساحة، لأن التواجد يأتي نتيجة طبيعية لبصمتها الفاعلة والتي لاتحتاج معها لعملية إثبات.. فالعمل على إثبات الشيء يأتي نتيجة خلل أو اعتداء أو تشكيك أو محاولة طمس للمعالم.. وظني أن الأدب النسائي استطاع أن يكون حضوراً رائعاً لايحتاج المرء معه لإثبات أنه موجود.. والصورة واضحة جلية..
هناك فترة سابقة، كان الأدب النسائي خلالها، أدباً مبنياً على الصدفة أو منطق القلة، وكانت المرأة في ذلك الحين تحتاج إلى التشجيع والتربيت على الكتف، كي تستطيع الاستمرار، وهو أمر استمر فترات طويلة ترافقت مع كل السنوات السابقة على هذه الفترة، إذ لم يشهد الأدب العربي في أي وقت من الأوقات نهوضاً حقيقياً لإبداع الأنثى، ولم يعرف هذا الأدب في أي فترة من الفترات يوماً استطاعت فيه الأنثى أن تصبح ذات حضور عريض في عالم الثقافة والأدب. ومن يقرأ أوراق الأدب العربي على مدار سنوات طويلة، ولايختلف في ذلك الأدب الأجنبي، يلاحظ أن إبداع الأنثى بقي على الهامش، أو ذا حضور بسيط عادي، لايشكل أهمية تذكر. وكلما التفت النقد إلى الأدب النسائي، كان يلتفت إلى طفرة أو وميض سرعان ماينطفئ. وإذا كانت هناك أسماء أنثوية مازالت حاضرة من القديم حتى الآن في عالم الإبداع، فإن هذا الحضور لايشكل شيئاً أمام حضور أدب الرجل.
من هنا الإشارة إلى أن مايحدث في الراهن مغاير تماماً، فالأنثى تشكل حضوراً قوياً عريضاً، وهي تعي أبعاد هذا الحضور وتعمل على ترسيخها، وأيضاً هي تعرف أن الأدب استمرار، لذلك ماعادت تؤمن بالفصل بين حياتها الأسرية والأدب، حيث كانت المرأة تتوقف عن الكتابة عند زواجها.. ونساء كثيرات ابتعدن وضحين بالحياة الأسرية حيث تعارضت مع إبداعهن، جراء إصرار الرجل على أن تكون الأنثى في بيته مجرد زوجة ليس من حقها أن تكتب وتبدع وتخرج إلى دائرة الضوء..
قد تكون تلك الصورة التي قدمتها صورة متفائلة وجد موغلة في التمسك بما هو إيجابي، وظني أن الوضع كذلك، وإن كانت هناك حالات مازالت تعاني وتكابد، فكثيرات قلن لي إن الحياة الأسرية تضع الأغلال في اليدين جراء إصرار الرجل على أن الأنثى لايصلح أن تكون أكثر من زوجة وأما للأولاد وكفى.. إذ ماحاجتها إلى الكتابة والإبداع و «وجع القلب»!!؟؟ تبقى هذه الأمور مجرد حالات، لابد أن تتغير مع الأيام.. وظني أن الأنثى تجاوزت مرحلة التوقف أو النكوص في عالم الإبداع، فقد صار إبداعها اليوم حاضراً بقوة وشدة وكثافة وقدرة على الوقوف..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|