المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي
الأدب من الخاص إلى العام
[align=justify]
هل على الأدب في كل أجناسه، من شعر وقصة ورواية ومسرحية ومقالة وما إلى ذلك، أن يبقى أسير الخاص ظناً من الأديب أنه يطرح الصورة بواقعية وتماس تجريبي وصدق، أم أن عليه أن يكون شمولياً بكل معنى الكلمة، فينقل الأدب من حيزه الضيق المحاصر إلى فضاء العام بما يشكل صورة تعني الجميع وتفيدهم وتبني عوالمهم بشكل صحيح؟؟..
الإشكالية في الحقيقة تتمثل أو تنطلق من نظرة الأديب وإيمانه بدور الأدب وضرورته.. فإذا كان الأديب، أي أديب، يظن أن ذاته هي محور الكتابة، فتلك مسألة تطرح تراجعاً في وصول الأدب وتواصله، لأن الكاتب المعني بهموم ضيقة محصورة بذاته لا يمكن أن ينظر إلى أبعد من أنفه، فهو أديب يدور حول الأشياء الصغيرة ظناً منه أنها تعني الجميع، وهذا الظن يجره إلى جعل الكتابة ذات أفق محدود لايصل إلى شيء.. صحيح أن الإنسان مطبوع على حبه لمعرفة أسرار وخفايا وأخبار الآخرين، كنوع من أنواع حب الإطلاع ونبش ما هو خفي.. لكن هذا لا يفيد ولايغني ولايبني.. إنه ببساطة شديدة يقارب ظاهرة تمرير الوقت أو إضاعته بأي شيء، وهو في جانب من جوانبه، عمل تفريغي للعقول من الأفكار الكبيرة وجعلها أسيرة الأفكار الصغيرة الضيقة.. وكثيرة هي الكتابات التي وقعت في فخ جر الآخرين إلى تحريك الغريزة غير المفكرة، حتى يصير المتفرج بعيداً عن همه اليومي كما يدعون..!!.. وهذا الاتجاه خطير ومخيف، فهو يقتل أي طموح إنساني ويجعل كل شيء أسير التمرير الروتيني للوقت.. فلا فائدة من أي شيء، غير الاستمتاع الآني بأدب مثير ليس إلا!!..
بين الخاص والعام علاقة دون شك.. والأديب الذي يريد إفادة الإنسان بشكل عام دون الوقوع في شرك الموضوع الفردي الضيق، يسعى إلى طرح أفكار تحرك العقل وتعمل على إضافة الجديد إلى معرفة كل شخص.. هذا لايعني قتل الشخصي وإحراق الذاتي، فالأدب لاينشأ دون الاتكاء على ذات الكاتب.. لكن اختيار الموضوع هو الأساس.. فهل يختار الأديب موضوعاً يعنيه دون سواه، أم يختار موضوعاً يعنيه ويعني سواه؟؟.. هذا الخيط الفاصل بين المساحتين أو المنطقين، يعبر تعبيراً حقيقياً عن توجه الأديب ومقاصده ومراميه.. فالأدب إما أن يكون كبيراً، وإما أن يكون صغيراً.. هناك توسع وأفق مفتوح، وهناك تضييق وأفق مغلق.. واختيار الأديب هو الذي يحدد شكل ومرمى ومقصد كتابته..
هل هذا يعني بشكل ما الابتعاد عن الخاص كقضية مثل القضية الفلسطينية على سبيل المثال؟؟.. طبيعي أن تكون الإجابة في صلب السؤال، فالخاص هنا عام بالضرورة، وهو شامل كبير واسع بالمعنى، مفتوح الفضاء في مغزاه ومبناه.. وحتى في هذا الأمر، ورغم كونه خاصاً عاماً في آن، فلا ضير في جعل الأدب الذي يتناول أي قضية أدباً إنسانياً يهم ويعني كل إنسان في كل زمان ومكان.. هذا لايتم بخطوة متسرعة، بل لابد من دراسة الفكرة وكل ما يتعلق بها وصولاً إلى طرحها بالشكل الأمثل.. فالنص الذي يلامس الخاص ويكون في كل ثناياه وعمقه، وينطلق إلى العام بشكل طبيعي، هو نص قوي متماسك قادر على الحياة والاستمرار.. وكل النصوص التي خلدها التاريخ وازنت بين هذا الخاص والعام بذكاء شديد، فوصلت إلى إبداع رائع يستطيع أن يصمد ويفيد في كل وقت.. وأساس الموازنة في الحديث عن قضية أن يكون الأديب واسع الأفق قادراً على التحكم في مسار نصه ونبضه كي يكون نصاً رائعاً.. فحتى الحارة الشعبية الصغيرة، ذات البيوت المتراصة المتعانقة، يمكن أن تصبح موضوعاً إنسانياً حين يستطيع الأديب التصرف بذكاء شديد واتساع في النظر والأفق.. فالحارة الشعبية هي حارة كل إنسان في العالم، وهي في الوقت نفسه حارة كل شخص فيها، مادام الأديب قادراً على رسم الأشياء بدقة من جهة وبث الروح والحياة فيها من جهة ثانية، وتناولها كقضية واسعة من جهة ثالثة.
الخاص إذن يفيد العام، والعام يفيد الخاص.. المهم كيف نتناول الموضوع، أي موضوع؟؟.. على الأديب أن يكون ذاتاً مفردة وعالماً في الوقت نفسه.. وهذه النظرة يجب أن ترافقه حتى وهو يتحدث عن شخصية واحدة تنطلق من أزمة ما، لأن الأزمة تعني كل شخص حين يكون الأفق مفتوحاً.. هذا أدعى للقول بالنص المفتوح لا النص المغلق.. النص المفتوح يستدعي دائماً تعدداً في الرؤية والتفسير والنظر.. بينما يكون النص المغلق ويبقى أسير الأحادية في الرؤية.. هذا أيضاً لا يأتي دون وعي ودراية وخبرة.. فهو نتاج تراكم كبير من المعرفة وصولاً إلى القدرة على جعل النص قابلاً للتعدد والانطلاق نحو أفق رحب واسع.. ومن يقارن بين نصين من هذا وذاك، يعرف أهمية القول بالنص المفتوح القابل للقراءة في كل وقت، بينما لايقبل النص المغلق أكثر من قراءة مهما كانت قدرة كاتبه على التلاعب بالألفاظ قوية..
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام
رد: الأدب من الخاص إلى العام
(((( بين عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] والعام علاقة دون شك.. والأديب الذي يريد إفادة الإنسان بشكل عام دون الوقوع في شرك الموضوع الفردي الضيق، يسعى إلى طرح أفكار تحرك العقل وتعمل على إضافة الجديد إلى معرفة كل شخص.. هذا لايعني قتل الشخصي وإحراق الذاتي، فالأدب لاينشأ دون الاتكاء على ذات الكاتب.. لكن اختيار الموضوع هو الأساس.. فهل يختار الأديب موضوعاً يعنيه دون سواه، أم يختار موضوعاً يعنيه ويعني سواه؟؟.. هذا الخيط الفاصل بين المساحتين أو المنطقين، يعبر تعبيراً حقيقياً عن توجه الأديب ومقاصده ومراميه.. فالأدب إما أن يكون كبيراً، وإما أن يكون صغيراً.. هناك توسع وأفق مفتوح، وهناك تضييق وأفق مغلق.. واختيار الأديب هو الذي يحدد شكل ومرمى ومقصد كتابته..))))
عليك رحمة الله أخي طلعت..كم كنتَ صاحب أدب كبير !! يا من كان أدبه يسع وطنا بكامله..شكرا لك أختي الغالية الأستاذة الأديبة هدى نور الدين الخطيب على هذا المقال القيّم..