مرحبا... وها أنا أعود إلى النص وإليكم دعاء، وأدعو عزة لتسارع فتكون بيننا، حتى تعطيني رأيها فيما أكتب، وحبذا كذلك لو حضر بيننا الأستاذ الصالح الذي غاب عنا مؤخرا ، والأستاذة رجاء بنحيدا حتى تنكشف الغمامة عن هذا الوزن بنص جيوش الشوق...
بالنسبة لتقطيع البيتين الشعريين يا دعاء، وقد سبقت الإشارة إلى ما يمكن أن نجده من اختلالات في الأوزان الشعرية، أو ما قد يسمى بالاجتهادات الموسيقية، دعيني أولا أذكر لك بعض الأبيات لشعراء قدامى مع تقطيعها وملاحظة ما جاء فيها من علل:
يقول امرؤ القيس في معلقته:
أغرك مني أن حبك قاتلي.... وأنك مهما تأمري القلب يفعل
إذا حاولنا تقطيع البيت وهو من معلقته الشهيرة أي بحر الطويل سنجد:
أَغَرْرَ .. كِمِنْنِيْأَنْ.. نَحُبْبَ.. كِقَاْتِلِيْ
فعولُ .... مفاعيلن .... فعولُ .... مفاعلن
وَأَنْنَ ... كِمَهْمَاْتَأْ ... مُرِلْقَلْ... بَيَفْعَلِيْ
فعولُ ... مفاعيلن ... فعولن ... مفاعلن
نلاحظ هنا أن العروض والضرب مقبوضين ، وهذا أمر عادي في بحر الطويل عند القدماء، لكن أن نجد القبض في حشو الببت الشعري وأكثر من مرة فهذا قد يربك الوزن ، ومع ذلك نشعر بالجرس الموسيقي رنانا فيه..
ومثله فعل أبو الطيب المتنبي، علما أن كثيرا من شعره مربك في محاولات تقطيعه، حيث عيب عليه عدم احترامه للأوزان في عدد من الأبيات الشعرية، بل أحيانا في قصيدة كاملة .
يقول المتنبي؛ وقد أتى بالعروض كاملة دون تصريع وحقها القبض،بل ووظف القبض في حشو البيت الشعري:
تَفَكّره علم ومنطقه حكم ... ولكنه دين وظاهره ظرف
تَفَكْكُ ... رُهُوْعِلْمُنْ ... وَمَنْطِ... قُهُوْحُكْمُنْ
فعولُ ... مفاعيلن ... فعولُ .... مفاعيلن
وَبَاْطِ .. نُهُوْديْنُنْ... وَظاْهِ.. رُهُوْظَرْفُنْ
فعولُ ... مفاعيلن ... فعولُ .. مفاعيلن
ولنأت الآن إلى بيت شعري لعمر بن أبي ربيعة من قصيدته " ليت هندا أنجزتنا ما تعد":
قلت أهلا أنتمُ بغيتنا ... فتسمين فقالت أنا هندْ
نلاحظ في نهاية البيت التقاء ساكنين " هنْدْ" ، وطبعا هذا ليس مما تنطبق عليه قاعدة إذا التقى ساكنان فاحذف ما سبق كالتقاء السكون الميت مع سكون اللام في' أل ' التعريف، ولكن الضرورة الشعرية تبيح لنا ذلك خاصة أن الدال والنون يمكن أن نقول إنهما من مخرج صوتي واحد هو طرف اللسان مع ما يحاذيه من لثة الأسنان العليا.
ولنعد الآن إلى تقطيع البيتين الأول والأخير من " جيوش الشوق"
أرى أنه كان على عزة أن تضع فاصلا بين جيوش الشوق التي يمكن اعتبارها منادى في غياب حرف النداء، وهنا تنطبق عليها قاعدة إذا التقى ساكنان كما انطبقت على اسم هند في بيت عمر بن أبي ربيعة، فتأتي هكذا:
جيوش الشوق ... ألا من أرضنا انسحبوا **** ولا تبكوا هزيمتنا كفى بالعمر ينتحب
جيوششْشَقْ _ وقد حذفت الواو على اعتبار أنه حرف لين مقابل القاف الشديد
جيوششْشَقْ... ألامنْأَرْ ... ضنَنْسحبُوْ
مفاعلْتن .... مفاعلْتن ... مفاعلَتن
ولا تبكوا هزيمتنا كفى بالعمر ينتحب
مفاعلْتن ... مفاعلَتن ... مفاعلْتن ... مفاعلَتن
البيت الأخير
جيوش الشوقِ لا تبكي على أرض...... تنصل طينها منا ولم يبق لنا عتب
هنا يا دعاء أرى فيما أشرت إليه، أنه وإن كانت لم جازمة فإننا عند الإلقاء الشعري قد نضيف ذلك المد وإلا يمكن أن تصير التفعيلة " مفاعلْتُ" أما بقية التفعيلات في البيت فهي إما سليمة أو مقبوضة